أ.عادل |
2010-02-11 7:06 PM |
قال تعالى في كتابه الكريم: {أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ * لَهُمْ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ لا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [يونس:62-64].
قال عددٌ من الصحابة والتابعين عند هذه الآية: "{لَهُمْ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} هي الرؤيا الصالحة يراها الرجل المسلم أو تُرى له"، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((لم يبق بعدي من النبوة إلا المبشرات))، قالوا: وما المبشرات؟ قال: ((الرؤيا الصالحة)) رواه البخاري.
وهذه الرؤيا ـ يا عباد الله ـ هي التي قال عنها الصادق المصدوق صلوات الله وسلامه عليه: ((إذا اقترب الزمان لم تكد رؤيا المؤمن تكذب، وأصدقكم رؤيا أصدقكم حديثًا، ورؤيا المؤمن جزء من ستة وأربعين جزءًا من النبوة)) رواه البخاري ومسلم.
لذلك فإن الرؤيا لها منزلة عظيمة ومكانة رفيعة في الإسلام، ولا ينكرها إلا جاهل، وتعجّب كثيرون من حقيقتها، وكيف تأتي الإنسان، وخاض علماء النفس وأصحاب الفلسفة في ذلك كثيرًا، لكن أجاب عن حقيقتها أحد علمائنا وهو المازري رحمه الله إذ قال في حقيقتها: "والصحيح ما عليه أهل السنة أن الله يخلق في قلب النائم اعتقادات، كما يخلقها في قلب اليقظان، وهو سبحانه يفعل ما يشاء، لا يمنعه نوم ولا يقظة، فإذا خلق هذه الاعتقادات فكأنه جعلها علمًا على أمور يخلقها في ثاني الحال أو كان قد خلقها". أما بالنسبة لما ذكر من كثرة الأحلام والتخيلات عند الشخص فهو لانشغاله واهتمامه بالأمور التي يحلم بهاواحتواؤها على تفكيره حتى يكون حديثه النفسي ومع الآخرين، أو لكثرة توقعه أن شيئاما سيحدث أو تغييرا سيحصل أو ما أشبه ذلك ، وقد نقل الحافظ في الفتح عنالحكيم الترمذيقال : وقد كان غالب أمور الأولين الرؤيا إلا أنها قلت في هذه الأمة لعظمما جاء به نبيها صلى الله عليه وسلم من الوحي ولكثرة ما في أمته من الصديقين ومنالمحدثين وأهل اليقين.
فكثرة الأحلام لا تدعو إلى القلق ولا تدل على مرض بل تفسيرها يساعد الرائي في معرفة بشارة له أو هداية أو تحذير أو كشف علة مرضه أو شفاء له أو تحزين من الشيطان. فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: الرؤيا الصالحة من الله، والرؤيا السوء من الشيطان، فمن رأى رؤيا فكره منها شيئا فلينفث عن يساره ثلاثا، وليتعوذ بالله من الشيطان لا تضره، ولا يخبر بها أحدا، فإن رأى رؤيا حسنة فليبشر بها ولا يخبر إلا من يحب. متفق عليه من حديث أبي قتادة رضي الله عنه. وبه تعلم أنه لا داعي لانزعاجك بسبب هذه الأحلام خصوصا إذا اتبعت فيها توجيه النبي صلى الله عليه وسلم من النفث عن يسارك، واستعاذتك بالله من الشيطان الرجيم. وقراءة آية الكرسي عند النوم مع المحافظة على أذكار النوم والإكثار من الطاعات، والإكثار من ذكر الله، وتلاوة القرآن الكريم، وإزالة المنكرات من البيت -إن وجدت- والابتعاد عن ما يغضب الله يسهم في حفظ الإنسان من الشيطان, ففي قراءة آية الكرسي حصن للمسلم, فقد ثبت في حديث أبي هريرة الطويل: أن الشخص إذا قرأها حين يأوي إلى فراشه فلن يزال عليه من الله حافظ، ولن يقربه شيطان حتى يصبح. والحديث رواه البخاري وغيره.
|