![]() |
خير ادى الى خيرات
أخواتي الفاضلات... هل سبق أن حدث مع إحداكن أن ذهبت لتقوم بفعل خيرٍ ما، ثم فتح الله عليها من وراءه بخيرات لم تكُن في حُسبانها؟ لقد تكرر هذا معي حتى أنني رأيت أن أطلعكن عليه لعل هذا يدخل السرور على قلوبكن الطيبة ويكون عونا لنا جميعا على عدم التردد في فعل الخير مهما كان ضئيل الحجم، ولعلنا جميعا نتبادل المواقف التي حدثت معنا ..... فتعم الفائدة ،....ونكتسب أفكاراً جديدة لفعل الخير ولعل هذا يكون سببا في أن نجتمع في الجنة برسول الله صلى الله عليه وسلم؛ إن شاء الله والآن سأبدأ بقصتي الأولى: ذهبت مع أسرتي لقضاء أسبوع في قرية سياحية تطل على شاطىءالبحر ، ورزقنا الله تعالى بشاليه يطل على البحر مباشرة ، وبينما كت اجلس ذات يوم بعد شروق الشمس في الشُرفة أراجع بعض ما أحفظه من القرآن الكريم ، لاحظت امرأة في أواخر العشرينيات تمشي مع طفلتها التي بدت في الثالثة من عمرها حتى جلستا على الشاطىء الذي كان خاليا تمام إلا منهما. ولم أهتم بأمرهما ، بل ظللت اراجع ، وأقوم بالتسميع لنفسي ، وكنت أحياناً أنظر نحو الشاطىء. فلمحت المرأة تبدأ في تعنيف ابنتها ، وتلوِّح بيديها...فظللت أراجع ، واسمِّع ...حتى رأيت المرأة قد بدأت تحتدّ على طفلتها ، وبدأ التعنيف يُصاحَب بضربات مُفاجئة للطفلة على كتفها، ثم ظهرها....وشعرت بالأسى لهذه الطفلة وفكرت في إنقاذها ، ولكني قلت لنفسي : " لعللها أخطأَت، ولابد من توجيها " . فعُدتُ إلى مراجعتي ، ولكني فوجئت أن التعنيف صاحبه في هذه المرة صفعة قوية على خد الطفلة التي صرخت صرخة قوية جعلتني أقوم من فوري والدماء تغلي في رأسي ، واتجه إلى الأم.... فأنا الآن أرى مُنكراً ولابد من أن أغيِّره ، تنفيذا لوصايا الرسول صلى الله عليه وسلم . فلما رأتني المرأة فوجئت ، فلعلها كانت تظن أن أحداً لا يراها. فقلت لها: السلام عليكِ ، فلم ترد من المفاجأة . فقلت ُلها: هل هذه ابنتك؟ فقالت وهي تتعجب من حديثي معها :" نعم" فقلتُ لها : كم هي جميلة ولطيفة ونظيفة ، ينبغي لك أن تفخري بها،و ان تحمدي الله أن أعطاك ِهذه النِعمة . فلعلك تعلمين أن الكثير من الأزواج يتمنون الذُّرِية، وينفقون الكثير من الأموال في العلاج.... ولكنهم لا يحصلون عليها إلا بإذن الله . وهذه الطفلة التي لا تكاد تصل إلى مستوى رُكبتك، كيف تضربينها بهذا العُنف؟ لابد انها فعلت شيئا ًساءك. قالت: نعم ، نحن هنا ضيوف على أقارب لنا ، وهي تقوم بإزعاجهم بتصرفاتها. فسألتها : هل أنت مُسلمة ؟ قالت: طبعا، والحمد لله . قلت لها : ألا تعرفي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهانا عن الضرب على الوجه؟ لقد كرَّم الله هذا الإنسان ، فكيف نُهينه ؟ إن هذه الطفلة -وكل الأطفال - مليئة بالطاقة ، فإن لم تتحرك كثيرا فينبغي لك أن تخافي عليها ن مرض ما . وإن كانت تزعج أهل البيت ، فإما أن تربيها وتعلميها بالرِّفق، وإما أن تقضي معظم الوقت خارج الشاليه، حتى تنطلق وتعود وهي ترغب في النوم، وإما ألا تنزلي ضيفة عند أحد حتى تكبر بالقدر الذي يجعلها تحافظ على سلوكها في وجود االكبار. فبكت المرأة وقالت لي: إن زوجي لم يُتح لنا أن نذهب للمصيف هذه العام ، وهذه فُرصة . قلت لها: إذا كانت هذه الفرصة على حساب ابنتك ، فهي ليست فُرصة ، بل مُصيبة. وحاولت ان اداعب ابنتها ،ولكنها أعرضت عني.... فقد كانت فَزِعة !!! فقالت لي الأم : أنا أيضا عصبية المزاج لأنني لا أصلي هذه الأيام!!! فسألتُها ، ولماذا؟ قالت : لا ادري، أنا أشعر بنُفور شديد منها وأشعر بتثاقُل كلما همُمتُ بالوضوء للصلاة . فحدَّثتُها عن روح الصلاة، وكيف أنها لقاء مع الله عز وجل، وكيف يمكننا أن نحصِّن أنفسنا من الشيطان الذي يصدنا عن الصلاة بالتحديد، لأنه يبكي كلما سجدنا لأنه أُمر بالسجود ولم يسجد فله النار، بينما أُمرنا نحن بالسجود فسجدنا فلنا الجنة بإذن الله . واقترحتُ عليها أن ترقي نفسها بالفاتحة وآية الكرسي ، والمعوِّذتين ،ففعلت ، ثم قلت لها : ينبغي أ ن تبدأي الآن ، ولا تسوِّفي فيقوى عليك الشيطان من جديد ويصدك . أنا أشعر الآن بالرغبة في الصلاة، ولكني لا أملك ثيابا تسترني بالشكل المطلوب للصلاة ، وحتى الأسرة التي أنزل عندها أفرادها لا يُصلون !!! فتذكرت الإسدال الذي أصلي به، وطلبت منها الانتظار لمدة ثوان، وجريت إلى الشاليه الخاص بنان وأحضرت لها الإسدال الذي كان جديداً ، وبينما أنا خارجة من غرفتي إليها لمحت الكتاب الذي أحضرته معي لعلي أجد وقتا لقراءته، وكان بعنوان : " تربية الأولاد في الإسلام " وهو يتحدث بأسلوب رفيق ، ولطيف، وهادىء عن كيفية تربية لطفل من خلال تعاليم القرآن والسنَّة النبوية الشريفة ، وسيرة الصحابة والصحابيات الكرام. فقلت : " سبحان الله لعلي أتيت به من أجلها، فهي في أمس الحاجة إليه " وجريت إليها بالكتاب والإسدال، ففرحت كثيرا وقالت لي: هل أراك مرة ثانية ؟ فقلت لها: نعم إن شاء الله ، هل ترين تلك المئذنة؟ فقالت لي: نعم . فقلت لها إنها لمسجد القرية ، فهل تقابليني في صلاة الظهر لننال ثواب الجماعة؟ قالت لي: نعم إن شاء الله ، وسأحضر قبل موعد الصلاة لأقضي بعضا مما فاتني من الصلوات . ...والآن سأذهب لأغتسل ، وأتوضأ لصلاة الصبح . وتركتها وأنا لا أدري هل ستفعل ذلك أم أنها تتهرب مني. ولكني لم أنشغل بها كثيرا ، بل دعوت لها بالهداية وعدت إلى مراجعتي لما أحفظ . وفي المسجد قبل أذان الظهر كانت فرحتي لا توصف حينما رأيتها تجلس في انتظار الصلاة مرتدية الإسدال، فلما رأتني هبت واقفة،وعانقتني ، وهي تبكي، قائلة:" لقدأنقذني الله بك، كم هي حلوة الصلاة،وكم تريح صدورنا" ففلت ُلها: إن الله أراد بك خيرا، فالفضل له وحده" وبعد الصلاة تمشينا قليلا على شاطىء البحر، فقالت لي: أنا أريد أن أُطلعك على شيء يجول في صدري...أنا أتمنى أن أرتدي الحجاب ...لقد آلمني سؤالك لي صباحاً : هل أ،تِ مُسلمة" نعم بالفع لإن الحجاب يميزنا عن غيرنا منغير المسلمين، كما أنه طاعة لله ، وستر لعوراتنا " فزادت فرحتي بها، فسألتُها: " وما يمنعك؟" قالت : إنني عروس جديدة،وقد اشتريت ملابس كثيرة قبل عُرسي،ولن أستطيع شاء ملابس جديدة للحجاب، ولن أستطيع الظهور امام الناس بثوب واحد أو اثنين فقط. فقلت ُلها،وأنا لا أكاد أصدِّق: إن كان هذا هو المانع الوحيد، فلا تقلقي ، سوف يرزقك الله إن شاء بملابس أنيقة لحجابك. وأخذت رقم تليفونها وعنوانها ، وبالفعل أكرمني الله تعالى -بعد العودة من المصيف- بشراء مجموعة من أغطية الرأس الأنيقة لها، كما اتصلت بأخواتي في الله الذين يتناسب حجمهم مع حجمها، فأعطينني لها الكثير من الملابس ، فذهبت بها إليها مع مجموعة من الأشرطة التي تتحدث -برفق-عن: التوبة ، وحب الله لعباده ، و الرحمة، ومجاهدة النفس، والجنة ، والحياء، والحجاب فوجدتها تنتظرني مع والديها وإخوتها ، والجميع ينظرون إليَّ بسعادة ، وهم لا يُصدِّقون ما حدث. وقد حدثتني والدتها أنهم جميعا تحدثوا معها بخصوص الصلاة والحجاب....دون جدوى. فقلتُ لها: لعل دعاءك لها بالهداية جعل الله تعالى يضعني في طريقها . وتم بفضل الله ارتداءها للحجاب ، واستمرت ت بيننا الاتصالات لفترة، فإذا بها والحمد لله قد تحسنت علاقتها بربها، ومع ابنتها، بل ومع زوجها ايضا. فحمدت الله تعالى على فضله ....فلولا أني خِفته أن يعاقبني إن تركت تلك الطفلة على ذلك الحال، لما حدث كل ذلك. فالحمد لله وحده كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سُلطانه *** والآن أنا في انتظار أن تبحثي وسط ذكرياتك عن خير فعلتيه، فمن الله عليك بسببه بخيرات كثيرة . ميرة |
جزاك الله خيرا
|
جزاك الله خيرا وبارك الله فيك غاليتي يمامة مواضيعك جدا مفيده .
شكرا لك .... مـــهـــا... |
الله يسلمكم
|
ناقص ألف وأربعمائة..!
هكذا كتبت التاريخ اختصاراً في أحد الأيام.. وما إن كتبت الرقم الأخير.. حتى عادت بي الذاكرة إلى ذلك العام الهجري السعيد.. وسرح بي الخيال بعيداً، فإذا بي في أواخر عهد الفاروق رضي الله عنه.. بعد أن استقر أمر الدين.. وفتحت الفتوحات.. وانتشر العدل.. وأمن الناس في ظلّ خلافة راشدة، فتساءلت عن حقوق الإنسان؟ فانبرى ذلك القبطي المظلوم ليتحدث عنها.. والذي نَعِمَ بانتصار عمر الفاروق له من ابن أمير مصر حينذاك (عمرو بن العاص) حينما لطمه ظلماً.. وتساءلت عن حقوق الحيوان؟! فأشارت إليها تلك الناقة الدَّبِرَة، والتي كان عمر ـ رضي الله عنه ـ يدخل يده في دبرها ليعالجها ويقول: "إني لأخشى الله أن يسألني عن هذه". حاولت أن أجول ببصري لأبحث عن البغـلة التي قال عـنها ـ رضي الله عنه ـ: "والله لو عثرت بغلة على شطّ الفرات لخشيت أن يسألني الله عنها لِمَ لَمْ تذلل لها الطريق" فلم أجدها قد عثرت.. بل كانت تنعم آمنة في مرعىً خصيب. ولما ذهبت إلى العراق لأبصر حاله.. لم أجد جياعاً ولا أحزاناً.. بل رأيت المغيرة ابن شعبة ـ رضي الله عنه ـ يكسوها بعدله في الكوفة.. عُدتُ بطرفي إلى الأقصى فرأيته أشمخ ما يكون؛ فلم يمضِ على فتحه سوى سنوات يسيرة.. ولم يزل وشاح العزّ يلوح عليه من بعيد.. وأهله حوله في سرور.. أمَّا إن سألتم عن اليهود!! فلا أثر ولا عين!! فقد أجلاهم ـ رضي الله عنه ـ من جزيرة العرب، عملاً بقوله صلى الله عليه وسلم: "أخرجوا اليهود والنصارى من جزيرة العرب" فأجلاهم إلى الشام.. وأمَّا أهل النفاق والإلحاد.. ومثيري الشبهات.. فلم يطمعوا برفع رؤوسهم بعد أن أدَّبتهم درَّة عمر على ظهر "صبيغ بن عسل".. وكان لهم فيه عبرة فلم يتطاولوا على دين الله؛ فباب الفتنة لم يُكسر بعد.. حاولتُ أن أُنهي هذا الحلم الجميل، فعدتُ لأكتب ما حذفته من السنوات الأربعمائة بعد الألف.. فتزاحمت أمام ناظري صورٌ عديدة.. من تدنيس الأقصى ووحشية اليهود.. إلى جياع العراق.. وضحايا الاضطهاد في كشمير والشيشان والفلبين وأفغانستان، ولا سيف للإسلام ولا سرية.. كما تراقصت أمام عينيّ عشرات الكتب والروايات المسيئة للإسلام، وآلاف الصور الخليعة والغثاء الفكري الهابط من الفضاء.. وتذكرتُ ملايين المستضعفين المحرومين من أبسط حقوق الإنسان في الملاجئ والمخيمات.. أمَّا قاصمة الظهر، فهو انقلاب الحال حين رفع اليهود الأنجاس رايتهم فوق أرض النبوات.. وصارت لهم دولة.. وجيش وصولة.. وتساءلت أخيراً: أما لهذا الليل من آخر؟ لم أستمر طويلاً في هذا التساؤل، فسمعت صوتاً من أعماقي يهزّني ويذكرني بوعد الله للصابرين بتمكين هذا الدين، قال تعالى: {وكان حقَّاً علينا نصر المؤمنين}. ولكن التمكين لهذا الدين لا يتحقق بالمعجزات السحرية والأماني الباطلة والتباكي على ما مضى.. فما بقى الإسلام بعد محمد صلى الله عليه وسلم إلا بتوفيق الله أولاً، ثم بصحابةٍ كرام ورثوا هذا الدين عنه وفهموه ـ رضي الله عنهم ـ كما فهمه ــ صلى الله عليه وسلم ـ.. وتخلّقوا بأخلاقه وحفظوه في نفوسهم ومن حولهم.. فكُن ـ عزيزي القارئ ـ من هؤلاء.. وانهض من كبوتك.. ولملم جراحك وارفع عقيرتك بـ "لا إله إلا الله" وانشرها فيمن حولك.. بتُقىً وإخلاص، فإنَّ الزهرة الفوَّاحة قد لا يراها الناس.. لكنهم حتماً سيستنشقون عبيرها. المصدر : لها أون لاين |
صديقات الخير هن سبب هدايتي
هذه قصة لفتاة كان للصحبة الطيبة الأثر العظيم في انتشالها من حياة الغفلة و الضياع إلى النور والخير و السعادة فأصبحت بعد ذلك من الداعيات إلى الله فتقول : عشت بداية حياتي في ضلال وضياع و غفلة بين سهر على معاصي الله وتأخيرا ً للصلاة عن وقتها ، ونوم وخروج للملاهي و الحدائق ، والافتتان بالأزياء و الموديلات افتتان شديد ، وبعض الناس لا يعدها معصية ، كيف لا تكون كذلك وهي كانت تأخذ وقتي كله ، كنت أفكر فيها عند الطعام والشراب والنوم .. بل إن هذه التوافه كانت تشغل تفكير حتى في الصلاة .. واستمريت على هذه الحالة وحالتي تزداد سوءا ً يوما ً بعد يوم ، وفي نهاية المرحلة الثانوية ، يسر الله لي الهداية على يد مجموعة من الأخوات استمعت إلى حديثهن فأثر ذلك في مما جعلني بعد التخرج ودخول الجامعة التحق بقسم الدراسات الإسلامية أما حب الدنيا وحب الموديلات التي كانت تسيطر على كياني فقد أزاله عني .. وهذا من فضل الله على ورحمته بي . كثيرين هم الأشخاص الذين كانوا يتخبطون في ضلالهم .. ففتح الله قلوبهم بأناس أخيار كانوا سببا ً في هدايتهم .. كم من شخص كان تائها ً حائرا ً في دياجير الضلال ، فقيض الله له اليد التي تنتشله و تنقذه من براثين الضياع و الفساد فترشده إلى طريق الهدى والصلاح. كتاب قرناء السوء دمروا حياتي . |
توبة فتاة عن الأزياء المحرمة
الشابة تتأثر بمن حولها.. وخاصة الصديقة.. فكم من فتاة ارتقت مرتقاً جميلاً وعاشت عيشة حسنة.. وكان للقرينة والصديقة أثر في ذلك.. وكم من فتاة تحطمت أحلامها وحياتها.. بسبب قرينات السوء.. والمرء على دين خليله (حديث صحيح رواه أبو داود والبيهقي). وهذه القصة فيها عبر ودروس.. قصة فتاة تائبة عن الأزياء المحرمة.. تقول إحدى الأخوات تعرفت في فترة دراستي على إحدى الفتيات وكانت مثالاً يضرب في الأخلاق والجمال والاجتهاد، أيضاً إضافة إلى أن تمسكها بدينها كان شديداً لدرجة أنني كنت أفخر بها حقاً وأعتبرها المثل الأعلى للفتاة المسلمة.. وفي يوم من الأيام، ونحن نجلس في مطعم الجامعة، أتت فتاة لا نعرفها وجلست معنا على نفس الطاولة وبالرغم من أنها لم تعجبني من حيث كلامها وهيئتها، إلا أنني تقبلت الوضع لأعرف ما هو غرضها الذي جاءت من أجله، ولكنها أخذت تماطل في الحديث أولاً، ولم تأت بالموضوع مباشرة ثم قالت تخاطبنا، لم أنتما هكذا تبدوان وكأنكما نائمتان في هذا العالم؟! فلم أر يوماً واحدة منكما صبغت شعرها مثلاً أو لبست عدسة لتغير لون عينيها، وربما أصبحت أجمل، وأخذت تسترسل في حديثها هذا وكأنها شيطان ماكر.. وما أن سمعتها تتحدث بهذه الطريقة حتى تركت لها الطاولة وشددت صديقتي لتأتي معي ، ولكنها لم تعرني اهتماماً فتوجهت فوراً لقاعة المحاضرات بعد أن كدت أنفجر من الغضب من آرائها المسمومة، وما طرحت من أفكار ولا أعرف ما حل بصديقتي التي كانت تجلس معها.. وفي اليوم التالي وكعادتي ذهبت لحديقة الجامعة، وجلست على أحد المقاعد هناك ثم فتحت كتاباً لأقرأه حتى تنتهي من المحاضرة، وما أن مرت ساعة من الزمن إلا ورأيت جميع الفتيات يخرجن من القاعة واحدة تلو الأخرى، عندها سألت نفسي أين صديقتي؟! إنها ليست معهن! ترى هل هي غائبة؟! ولكنها لا تغيب إلا لسبب قاهر؟! ترى هل هي مريضة أم ماذا؟! وما أن خرجت آخر طالبة حتى سألتها أين صديقتي ولماذا لم تحضر معكن؟ فأجابت: إنني لم أرها اليوم بأكمله، أعتقد أنها غائبة فانزعجت كثيراً لأنني أعرف أن غيابها لا يكون لأمر سهل، فكرت قليلاً.. ثم نظرت إلى الساعة فوجدتها العاشرة تماماً، سرت متوجهة إلى بوابة الخروج لقد انتهى دوامي هذا اليوم. وفي اليوم التالي.. تكرر نفس الشيء فانزعجت أكثر وظللت على هذا الحال أسبوعاً كاملاً لا أدري ما الذي حل بها منذ جلوسنا مع تلك الفتاة الشريرة. وفي يوم السبت وبعد عطلة الأسبوع وأنا متوجهة لقاعة المحاضرة.. فوجئت بل اندهشت عندما رأيت صديقتي مع تلك الفتاة، وهي التي كانت لا تفارقني أبداً وعندما نظرت إليها فإذا شعرها الأسود الجميل قد قص إلى ما فوق رقبتها وصبغ بلون أصفر، فبدت وكأنها واحدة لا أعرفها بتاتاً، عندها سألت نفسي.. أهذه صديقتي التي أعرفها! أهي تلك العاقلة التي يضرب بها المثل!! لا لا ربما ليست هي، فلم أتعود أن أرى صديقتي تضع سماعة المسجل في أذنيها، لقد اختلفت تماماً، إنها تضع جميع أنواع وألوان المساحيق في وجهها وكأنها أتت لتحضر عرساً أو حفلة، وقد كانت من قبل تأتي لطلب العلم لا تهمها هذه الأشياء التافهة. وعندما اقتربت مني قليلاً دهشت حقاً، بل كدت أقع على الأرض عندما رأيت تلك الرسمة الخليعة التي وضعت على بلوزتها التي والله يخجل الإنسان من النظر إليها، وحدثتني قائلة وبكل فخر وكل اعتزاز: أتعرفين أين كنت في الأسبوع الماضي؟ فلم أجبها، لأن لساني قد شل تقريباً عندما رأيت ذلك التغير المفاجئ الذي طرأ عليها.. فكررت عليَّ السؤال ثانية ولكنها لم تنتظر إجابتي وقالت: لقد كنت في إحدى دول أوروبا لأنني وجدت أن صديقتي ((الفتاة الشريرة)) معها الحق كل الحق فيما قالته فلن أكون متأخرة العقلية جاهلة لا أفهم شيئاً كما كنت سابقاً، لقد أصبحت الآن مواكبة لعصري متقدمة أتعرفين بلوزتي هذه.. إنها صيحة هذا العام.. وشعري هذا الذي ترينه صبغته وقصصته عند أشهر وأكبر محل ((كوافير)) في أوروبا. (تأملي رعاك الله كيف انقلبت عندها المفاهيم عندما اقترنت بأهل الشر). فسألتها بكل دهشة ما الذي غيرك؟! أعقلك على ما يرام؟! لا أظن ذلك، لأن هذه الأفعال ليست أفعال عقلاء. أين دينك؟ أين أخلاقك؟ أين العلم الذي كنت تأتين من أجله كل هذا تجاهلتيه من أجل (الموضة) من أجل هذا المنظر السيء الذي أنت عليه الآن وما هذه العدسات التي تضعينها في عينيك.. إن منظرك مضحك جداً وكأنك مهرج يعبث بنفسه ليضحك الناس لقد أصبحت نكتة الموسم.. فاحمر وجهها وبدا عليها الغضب لقد أصبح دمها يغلي في عروقها.. غدت باهتة الألوان مكتملة بلون وجهها الأحمر، وعندما استدارت لتسير مع الشيطانة التي معها (الفتاة الشريرة) فإذا بي أرى تنورتها تكاد تتمزق من الضيق والأسوأ من ذلك فتحة التنورة أين كانت لما فوق الركبة ألهذه الدرجة تلعب (الموضة) بأفكارنا ألهذه الدرجة نكون ضعفاء. أعتقد بل أجزم أن مثل هؤلاء الفتيات لو أن الموضة أمرتهن أن يخرجن من منازلهن بثياب منحرفة لفعلن ذلك، ولو أمرتهن أن يخرجن بدون أن يمشطن شعرهن لفعلن ذلك. هذا حقاً ما دار بذهني عندما رأيت تلك الفتاة التي كانت لي أكثر من أخت، واليوم تبدلت حالها إلى حال تشمئز النفس من رؤيتها، لقد تأملت كثيراً وحاولت نصحها مراراً ولكن الصدود كان ردها عليَّ دائماً ولم أيأس من إعادتها إلى ما كانت عليه من دين وخلق وحياء وجمال وبجميع الوسائل حاولت إقناعها، وحاولت أن ألفت انتباهها أكثر من مرة إلى الغربيين الذين توصلوا إلى القمر وها هم الآن يريدون غزو كواكب أخرى وسيصلون ما دمنا نحن أطفالاً نلهو بالألعاب التي تقدم إلينا ولكن كلامي معها دائماً كان يذهب دون جدوى إلى أن جاء يوم من الأيام وأنا في طريقي لقاعة المحاضرات وجدتها تبكي وبحرقة شديدة وقد وضعت على رأسها منديلاً أبيض على غير العادة فاستغربت واقتربت منها لأعرف ما سبب حزنها الشديد هذا فكشفت لي رأسها فبدا لي وكأنه قد حرق فسألتها ما الذي فعل بك هذا؟ وكيف حدث هذا؟! فأجابتني والدمع ينهمر من عينيها قائلة: أتعرفين الفتاة التي تقابلنا معها في المطعم فأجبتها: نعم. فقالت: لقد أعارتني الكثير من مجلات الأزياء وجعلتني أفصل الكثير من ملابسي كما في (الموضة) حتى شعري غدوت أتبع (الموضة) في تسريحه وفي يوم من الأيام باعتني زجاجة بها سائل أحمر وقالت لي: هذه هي وصفة آخر التسريحات وأخبرتني أنها أتت بها من أوروبا وما أن وضعت السائل على رأسي حتى رأيت شعري يتساقط بفظاعة إنه شيء لم أتصوره أبداً.. فندمت يا أختي على كل ما فعلته لقد خسرت كل شيء خسرت ديني وصديقاتي وخلقي وحيائي وهذه حالي كما ترين ولكن لن أقول إلا الحمد لله الذي جعلني أتيقظ لنفسي قبل فوات الأوان ولكن هل تقبلين صداقتي من جديد فأجبتها: نعم ما دمت رجعت لرشدك من جديد فأنا صديقتك منذ هذه اللحظة (من رسالة بعنوان: ماذا تخفي لنا الموضة؟ لنجمة السويل) وعادت تائبة إلى ربها.. عادت من رحلة اللهو والضياع وبدأت حياتها تتغير.. لقد أشرق نور الحق في حياتها من جديد. من كتاب التائبون إلى الله / الجزء الثاني |
كلُّ شيءٍ إلاَّ المسجد
بعد ليلة طويلة ، قضيتها مع أصحاب السوء ، مع المثقلين بالسيئات ، المبعدين عن الطاعات ، قضيتها معهم باللهو والسهر والغناء ، وديدن رتيب ممل مضحك مبكي ، يشعر العاقل في خضمه أنه لا قيمة له ، ولا حاجة إليه .. كل ليلة على هذا المنوال ، فلما تدحرجت عقارب الساعة ، واستقرت على ضفاف الهزيع الأخير من الليل ، ركبت سيارتي وعدت إلى المنزل ، فكانت الساعة وقتئذ تشير إلى الثالثة بعد منتصف الليل ، فتحت باب المنزل ودخلت ، فإذا بجدتي يرحمها الله ، قد افترشت سجادتها ، في ناحية من البيت ، ومضت في صلوات كثيرة وطويلة ، لم أحص لها عدا .. إلا أنني أذكر أنها كانت تصلي وهي جالسة ، فقد تعبت من الوقوف ، فآثرت الوقوف بين يدي الرؤوف عن الوقوف ، فاستمرت في صلاتها قاعدة ، فاستوقفتني لحظات الرحمة والتوفيق ، من الغفور الرحيم لأقف أنظر إليها وهي تصلي ، غير عابئة بالنائمين ، ولا مكترثة بالداخلين والخارجين ، فأحسست من تلك اللحظة ، بشيء غريب ينتابني .. وكأن شيئا ما سيحدث في حياتي ، ثم دخلت غرفتي ، حاولت النوم ، فلم يكن لي منه نصيب ، فأصبحت صورة هذه العجوز في مخيلتي ، وأمام عيني ، ومن حولي ، وفي كل مكان من غرفتي .. يا الله ، ما ذا أصابني ، ثم عدت أرسل الفكر والتأمل في نفسي وحياتي ، وشبابي وصلابة عودي ، وقوتي وفتوتي ، كيف أبدد هذه النعمة في معصيةِ أهبها ، وهذه العجوز ، التي جلست على حافة القبر ، تتهجد وهي جالسة ، تعبت من الوقوف ، لا شك بأنها تحب أن تصلي وهي واقفة ، فما الذي منعها ؟ إنه الكبر والهرم ، إذاً لا شك إنها تتمنى أنها في شبابي ، وأنا أضيِّع هذا الشباب ، ثم من يضمن لي أن أعيش حتى أبلغ ما بلغت من العمر ، فسرحت في تأملات ، خالطها صوت المؤذن وهو ينادي لصلاة الفجر ( الصلاة خير من النوم ) .. قلت أين النوم ، الأمر أعظم من النوم ، القضية مفترق طريق ، ولا بد أن أتخذ قراراً سريعاً ، فسألت الله عز وجل أن يعينني ، فإذا بي أشم رائحة التوبة ، وأذوق طعمها ، وإذا بقلبي يخضع لوابل الرحمة فتتفجر منه أنهار الأيمان ( وإنَّ من الحجارة لما يتفجَّر منه الأنهار ) ، فشعرت كأنني أولد من جديد .. ثم خرجت إلى المسجد ، وكنت أول الداخلين من المصلين بعد المؤذن ، فصليت سنة الفجر ، وتناولت المصحف ، وشرعت اتلوا آياته ، وأتأملها ، فإذا بها تخاطبني ، وتواسيني ، وتزيل عني هموم الذنوب والخطايا ، بسعة رحمة رب البرايا .. فما زلت كذلك ، فإذا بيد تمتد نحوي لتصافحني ، فمددت يدي ، ونظرت إلى صاحبها ، فإذا به والدي رحمه الله رحمةً واسعة ، وكان كل شيء يتوقعه مني ، إلا أن يجدني في المسجد .. فنظر إليَّ نظرةً لا تغيب عني أبداً ، نظرة لا أستطيع وصفها ، بها كل الأحاسيس والمشاعر مختلطة ، احتضَنتْها عبرةٌ جاشت في فؤاده رحمه الله ، فارتمت على آثارها المدامع فوق خدَّيه ، وكأن لسان حاله يقول : سبحان من فتق القلوب أنارها بمحاسن التقوى جلى أبصارها ما كنت أحسب أن مثلك يهتدي أم أن يمـيز ليلـها ونهـارها فلطالما قد جئت نحوك ناصحا أن تعرف الأصحاب كي تختارها أن تتركن الملهيات جميعها أعـوادهـا أقواسـها أوتارهـا فنظرت نحوي عاتبا مستكثراً أنـي أريك طريقـها ومسارهـا ولدي أحبك صائما ومصلياً ومن البرية قد صحبت خيارهـا ولدي أحبك زاد حبك بعدما تتلوا من السور الكرام قصارها من محاضرة سبب هدايتي جدتي للداعية عبد الله السالم |
من راقصة الى داعية ... والسبب بعد الله ميكرفونات المسجد الخارجية .
الشيخ د إبراهيم الفارس/مــن مشاركة له في الساحات كنت في دبي قبل سنوات للمشاركة في دورة شرعية اقيمت فيها ، وحدثني امام المسجد الذي اقيمت فيه الدورة أن من ضمن النساء المشاركات وبفعالية امرأة مغربية تحفظ القرآن كاملا وكانت قبل ذلك تعمل راقصة في فندق مجاور ......... ويقول عن سبب اهتدائها انها كانت تخرج من المرقص مخمورة قبيل الفجر واحيانا اثناء الصلاة ........ وفي احد الأيام توقفت في الشارع المحاذي للمسجد لتستمع للتلاوة - وللعلم فتلاوة هذا الامام غاية في الروعة والجمال - وشدها ماسمعت فكانت هي البداية للسير على طريق الهداية . |
كشفت شعرها فجاءها الموت
أخبرني أحد الأحبة وقال : كنت مشرفاً على أحد الأسواق في مدينة ( ... ) ورأيت مجموعة من الفتيات قد وضعن اللثام على الوجه " أي نصف الوجه مكشوف" وكانت هيئتهن سيئة ، من التبرج واللباس الفاتن ، وكان معهن سائق عربي .. فذهبت إلى السائق وكلمته عن لبس هؤلاء الفتيات ثم رجعت إلى مكتبي في السوق . وتفاجئت وإذا بإحدى تلك الفتيات تأت عندي وترفع صوتها وتقول لماذا تكلم السائق وماذا قلت له ؟ وبدأت في كلام لا يرضي الله . يقول صاحبي : وأنا ساكت لم أرد عليها . ولازالت الفتاة تخاصم ، وترفع صوتها . والناس تجمعوا حولي . قال صاحبي : فاعتذرت لها وقلت : أنا آسف على ما صدر مني . فما كان من الفتاة إلا أن رفعت الغطاء عن وجهها وعن شعرها كله ، وقالت يرضيك هذا . قال صاحبي : فأصابني الذهول والاستغراب مما فعلت ، والناس لم يصدقوا المشهد. ثم ذهبت الفتاه وهي كاشفة عن وجهها وشعرها ولما خرجت من " باب السوق " سقطت , ثم حملوها إلى السيارة. يقول صاحبي : لم احرص على متابعة الموضوع فقلت لعلها كذا وكذا . وبعد ثلاثة أشهر : كنت في السوق ، فجاءني ذلك السائق العربي الذي كان مع الفتيات، وبدأ يعتذر. ثم قال السائق بنبرات الحزن : إن الفتاه التي كشفت شعرها في ذلك اليوم سقطت عند الباب ، فحملناها إلى المستشفى . ولكن وجدناها قد ماتت في تلك اللحظة التي سقطت فيها .. فسبحان الله , ما أعظم الله , إنها فتاه تجبرت وتكبرت على الحجاب , فجاءتها العقوبة من الله . قبض الله روحها وهي في تلك الحالة السيئة .... كاشفة لوجهها وشعرها.. فماذا ستقول لربها حين تلقاه وما هو حالها في قبرها ؟ فيا أختي أحفظي حجابك فهو سبب نجاتك وإلا فانتظري سوء الخاتمة. يا له من دين |
هكذا ماتت ولاحول ولاقوة إلا بالله
وضعت السماعة على صدرها فجاءت ضربات القلب مطمئنة .... نظرت نحو الممرضة مستفسراً ، الضغط ودرجة الحرارة طبيعيان ، كان جوابها .... أخذت أقلب الملف الطبي: المريضة في العقد الثالث من عمرها ، نتائج الفحوصات والتحاليل لم تظهر بعد ، لكن الحالة مستقرة ؛ الحمدلله .... هممت بالخروج ، لكن صوت المريضة الغاضب جعلني التفت إليها ، قالت في تذمر : متى تنتهون من الفحوصات ؟، لقد سئمت ... اصبري واحتسبي ... قريباً إن شاء الله تعودين إلى دارك ..... بين غرف المرضى أتنقل ، فهنا مريض في غيبوبة ، وآخر يئن تحت وطأة الألم ، وآخر لاترى منه سوى الأجهزة التي استقرت في أنحاء جسده ..... دكتور ... دكتور ... صوت قادم من ورائي ... ألتفت ، وقفت الممرضة وقالت : المريضة في حالة حرجة .... أسرعت نحو المريضة .... دخلت الغرفة ، نظرت إلى الأجهزة .... هبوط حاد في الضغط ودرجة الحرارة ، ضربات القلب بدأت تضعف وتضعف .... حشرجة في صدرها ، الأنفاس تتصاعد بسرعة .... إنّا لله وإنّا إليه راجعون .... إنها اللحظات الأخيرة ..... اقتربت منها ورحت أردد : لا إله إلا الله ، لا إله إلا الله ..... دعوت الله أن يوفقها لتنطق بها ، لتموت عليها وتبعث عليها ..... اطرقت بسمعي وصوبت بصري ، انتظرت أن تردد معي ، لكنها لم تستجب .... اقتربت منها أكثر وأكثر ، وضعت فمي قريباً من أذنها ، هتفت : لا إله إلا الله ، لا إله إلا الله..... ترقب وانتظار كانت ثواني ولكنها تمر بطيئة جداً ..... خشخشة تنبعث من صدرها ، صوت قادم من أعماقها ..... الآن ... ستتحرر الكلمات وتنطلق لا إله إلا الله ..... انفرجت شفتيها ، تحرك لسانها ، انبعث صوت ضعيف لم اتبين ما تقول .... شعرت بالفرح وأنصت أكثر .... ارتفع الصوت أكثر ..... وانطلقت الكلمات المتعثرة ..... وياليتها ما نطقت ، ياليتها ماتت قبل أن تنطق بها ..... أظلمت الدنيا في عيني ، و أطبقت بيدي على أذني ..... شخصت عيناها إلى السماء ، توقف كل شيء حي فيها ..... لقد فارقت الحياة .... وكان أخر كلامها : ( مقطع من أغنية ) .... موقع طريق التوبة |
كلما تذكرت هذا الموقف وأنا أحمل نعشه
-------------------------------------------------------------------------------- كلما تذكرت هذا الموقف وأنا أحمل نعشه جُنَّ جنوني وفقدت صوابي قصة يرويها شاب عن صديق حميم له: صديقي ترك أهله وإخوانه وكان صديقه شاشات الإنترنت كان هذا الشاب بلا حسيب وبلا رقيب ولا سائل يسأل.. مولع بالإنترنت وفي يوم من الأيام حصل حادث له وكان هذا الحادث قبل أسابيع من يومنا هذا ومـــــــــات هـــــــــذا الشــــــــاب مات هذا الشاب في هذا الحادث ولكن المشكلة أن صديقي هذا لديه مواقع إباحية ومجموعة بريدية إباحية والمصيبة أننا لا نعرف الرقم السري لهذا الموقع ويقول هذا الكلام بالنص أنقله لكم.. يقول في رسالته : يا جماعة.. هذا الرجل المحمول على النعش والناس تشاهد ما صنعته يداه مواقعه الإباحية كلما تذكرت هذا الموقف وأنا أحمل نعشه جُنَّ جنوني وفقدت صوابي كيف يكون حساب هذا المسكين حتى إن أمه أم هذا الشاب الصريع رأت في المنام صبية يمرون على قبره, ويتبولون فوق قبره والمسكينة لا تدري خفايا الأمور. خاطبنا الشركة المستضيفة للموقع فلم تستطع عمل شيء بدون الرمز السري فإلى متى يدوم هذا الحال.. إلى متى هذه حاله.. والمسكين في قبره ويجري عليه عمله, إنا لله وإنا إليه راجعون وصدق والله الشاعر إذ يقول: لا دار للمرء بعد الموت يسكنها *** إلا التي كان قبل الموت بانيهـا فإن بناها بخير طـاب مسكنـه *** وإن بناها بشر خـاب بانيهـا فاعمل لدار غداً رضوان خازنها *** الجار أحمد والرحمـن بانيهـا قال صلى الله عليه وسلم: ( من سن في الإسلام سنة حسنة كان له أجرها وأجر من عمل بها من بعده لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا ومن سن في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده لا ينقص ذلك من أوزارهم شيئا ) أخرجه مسلم في صححيه. وقال حبيبنا صلى الله عليه وسلم (من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئا) قصه واقعيه من شريط " قصص كخيال " طريق التوبة |
قال لي: "ستر الله عليك.. استري على نفسك
لقد كنت متحللة إلى درجة كبيرة حتى إنني كنت أقيم علاقات مع جيراني الشباب وأغريهم بالتحدث معي وألاطفهم، كنت على درجة عالية من السخافة، أستخدم الهاتف لمعاكسة الشباب حتى إن أحد الشباب شباب الحي تركني وتزوج بأختي التي تصغرني، لم أكن أؤدي الصلاة ولا ألتزم بأي نوع من أنواع العبادات.... وفي يوم من الأيام تعطلت سيارتي في الطريق فوقفت ألوح بيدي عسى أن تقف لي إحدى السيارات المارة، وبقيت على هذه الحال فترة، رغم أنه في كل مرة ينزل الشباب بل ويسارعون ليتمتعوا بابتسامتي والنظر إلى جسدي شبه العاري... وهناك.. توقفت إحدى السيارات ونزل منها شاب "عادي " لا يظهر عليه سيما التدين، وتعجبت عندما لم ينظر إلي وعمل بجد على إصلاح السيارة، وأنا مندهشة كيف لم يعجب بي!! ولم يحاول أن يلاطفني كبعض الشباب!! فحاولت أن ألاطفه وأبتسم له، وهو لا يرد علي، وعندما أنهى مهمته، وقام بإصلاح السيارة قال لي: "ستر الله عليك.. استري على نفسك... " ثم مضى وتركني مذهولة أنظر إليه وأسأل نفسي: ما الذي يجعل شابا فتيا في عنفوان شبابه ورجولته لم يفتن بي، وينصحني أن أستر نفسي؟ وظللت طوال الطريق، أتساءل: ما القوة التي يتمسك بها هذا الشاب؟ وأفكر فيما قاله لي.. وهل أنا على صواب؟ أم أنني أمشي في طريق الهلاك، وظللت أتعجب حتى وصلت إلى البيت ولم ليهن فيه أحد في ذلك اليوم، وعندما دخلت جاء بعد قليل زوج أختي الذي كان يريدني، وتلاطف معي.. وعلى عادتي تجاوبت معه بالنظرات والكلام حتى حاول أن يعتدي علي.. وهنا تذكرت.. وهانت على نفسي لدرجة لم أجربها من قبل.. وأخذت أبكي، وأفلت من هذا الذئب سليمة الجسد معتلة النفس.. لا أدري، ما الذي أفعله؟ وما نهاية هذا الطريق الذي أسير فيه؟ وأخذت أبحث عما يريح نفسي من الهم الذي أثقلها... لم أجد في الأفلام أو الأغاني أو القصص ما ينسيني ما أنا فيه، ومرضت عدة أسابيع، ثم بعد ذلك تعرفت على بعض الفتيات المتدينات ونصحتني إحداهن بالصلاة. وفعلا عند أول صلاة، شعرت بارتياح لم أجربه من قبل وبقيت مداومة على الصلاة وحضور الدروس والقراءة، والتزمت "بالحجاب الشرعي " حتى تعجب أهلي، الذين لم يروني أصلي في يوم من الأيام،.. ومنذ ذلك اليوم سلكت طريق الهداية والدعوة إلى لله وودعت طريق الضلال والغواية. والآن ألقي الدروس عن التوبة وعن فضل الله جل وعلا ومنته على عباده أن يسر لهم سبل الهداية. والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات طريق الجنة |
الداعية هدى حجازي مضيفة الطيران السابقة
عمل المرأة لا يحقق ذاتها اقلب بعض الكتب وفي واحد منها وجدت قصاصة من جريدة ( المسلمون ) العدد 469في 17/ 8 / 1414 هـ وبمناسبة كثرة الحديث عن خروج المرأة للعمل واعتساف الأسباب لذلك تحت العديد من الذرائع الواقعية في بعضها وغير الواقعية في الكثير منها , وجدت من المناسب نقل محتوى هذه القصاصة . لما فيها من العبرة ممن جرب الخروج للعمل في أكثر ميادين العمل بريقا وخداعا . ( القاهرة – من ليلى بيومي : الداعية هدى حجازي مضيفة الطيران السابقة تطلعت الى حياة الطيران والأسفار بعيدا عن الالتزام لكنها لم تجد الأمان الا في رحاب الأيمان . تقول هدى حجازي : تخرجت في أوائل الثمانينيات وكان حلم حياتي ان أطير الى كل بلاد العالم . فالطيران وزيارة بلدان وأماكن جديدة أمنية كنت اشتاق إليها . اجتزت اختبار المضيفات ونجحت في كشف الهيئة الذي يتطلب مقاييس دقيقة في الجسم والجمال والحركة واللغة , وانخرطت في عملي , يوما في باريس وآخر في لندن وفي طوكيو , حياتي سفر دائم , ليلي نهار ونهاري ليل , وطبعا اختلاط وتبرج , والغريب أن المضيفة توقع عقدا بعدم الزواج وعدم الإنجاب لمدة خمس سنوات . صحيح أنها تتقاضى على طيرانها مبالغ خيالية , لكن كل هذا استهلاك لآدميتها وأنوثتها وصحتها . واقل للحقيقة ان هذه المهنة لا تتناسب مع المرأة , وبرغم بريقها إلا أنها شاقة جدا . فالطيران يؤثر على الدورة الدموية , وجو الطائرة الغلق يصيب الجلد بالشيخوخة المبكرة , إلى جانب أمراض الدوالي والسهر والإرهاق . وتتذكر لحظة تحولها عن هذا العمل وارتدائها الحجاب فتقول : اكتشفت أنني في دوامة من القلق , فهذا المجتمع الذي كنت معه أشبه بعالم الفن والفنانين , لاحوا جز بين رجال ونساء , ولا حجاب وليل نهار أوجد بين زملائي من الرجال والنساء , وما بين أوقات العمل يلعبون الورق ويتبادلون النكات , وبرغم أنني كنت أحس بغربة وألم نفسي وابحث عن شيء مفقود مني لا ادري كنهه . وفي أثناء عودتي إلى المنزل في إحدى المرات قالت لي جارتي التي اعرفها منذ زمن : إلا تريدين ان تحضري معي مجلس علم , ولم أكن اعرف ماذا تعني هذه الكلمة , وذهبت يومها _ بالبنطلون – وسمعت الدكتور عمر عبد الكافي , وبكيت وعرفت أنني مسلمة بالاسم فقط . وتحدث الشيخ عن عباد الرحمن وعباد الشيطان واخترت ان أكون من عباد الرحمن , وحسمت المسألة داخلي , وفي هذه الأثناء توالت علي عروض لسفريات طالما حلمت بها , ولكنني قررت أن اشتري الغالي الثمين , فقررت الاستقالة والالتزام بالحجاب وحضور مجالس العلم المباركة والتعرف على تبعات ومسؤوليات تديني . وأقول لكل فتاة عليك أن تفهمي اولوياتك في الحياة ومعنى تحقيق الذات لا يكون إلا بعزة الإسلام , أما الذين يرددون ان خروج المرأة للعمل هو السبيل الوحيد لتحقيق ذاتها فهم مشوشون , ولا يعبرون عن المطلب الحقيقي للمرأة ولقد كنت قبل التزامي بدين أحب الخروج ولا أطيق البيت ومازا دني هذا إلا رهقا وألما , ولم يحقق لي أي ذات , أما الآن فانا اسعد بالقرار في البيت واهنأ كثيرا بالجدران تحيطني وتمنع عني ما يحرجني وينتهك حياتي ) |
الغفـلــة(من القصص الواقعية)
كتيب الزمن القادم(المجموعة الأولى) د عبدالملك القاسم شيع الحسن جنازة فجلس على شفير القبر فقال: إن أمراً هذا آخره لحقيق أن يُزهد في أوله وإن أمراً هذا أوله لحقيقٌ أن يُخاف آخره.. --------------- اللهم ارحمنا إذا درس قبرنا.. ونُسي اسمنا.. وانقطع ذكرنا.. فلم يذكرنا ذاكر. ولم يزرنا زائر.. اللهم ارحمنا إذا أهلونا.. اللهم ارحمنا إذا كفنونا.. اللهم ارحمنا إذا على أكتافهم حملونا... • كان الشريط يسير بسرعة.. وكنت أتابع دعاء الإمام بتركيز ولهفة. أعدت هذا الدعاء.. مرة.. وأخرى.. كلما قاله ودعا به حق.. ستنقطع بنا الحياة.. وسنُغسل.. ونكفن.. ثم نوضع في لحد تحت الأرض.. ويُنسى اسمنا..... ولكن ذاك الصوت المقترن بالخشوع.. جعلني أتوقف برهة.. وأعيد الشريط مرة ثالثة.. لقد كانت أختي.. مثال الأخت الداعية.. المجتهدة.. لقد حاولت أن أكون محافظاً على الصلاة.. وعلى الطاعات.. حاولت بكل ما تستطيع... بالكلمة.. وبالشريط.. والكتاب.. • وفي أحد الأيام.. عندما ركبت معي في السيارة.. أخذ بنا الحديث.. وعندما هممنا بالنزول.. وضعت هذا الشريط في جهاز خرجت من العد.. بحركة عفوية.. لا شعورية.. ضغطت على الشريط.. وأنا لا أذكر ما فيه.. ولكني كالعادة أتوقع.. كلمة مغناة.. من التي أحبها.. ولكن شاء الله أن يكون هذا الشريط.. سمعته في صباح ذاك اليوم.. وأعدته في المساء.. وبعد العشاء.. سألتها ما هذا الشريط الذي وضعتيه..؟ قالت.. هل أعجبك!! قلت لها.. لا شك.. ولم تكن العادة إجابتي بهذا الترحيب.. فرِحَتْ.. وكان بيدها كتاب فوضعته جانباً.. أعادت سؤالها.. هل أعجبك صوت الإمام وقراءته..؟ قلت لها.. نعم.. كانت هذه الإجابة مقدمة لحوار طويل.. ولقد كان مثل هذا الحوار متكرراً.. ولكنه هذه المرة اختلف كثيراً.. في النهاية.. قالت لي.. سأقرأ عليك ما قرأته قبل قليل.. (مرّ الحسن البصري بشاب مستغرق في ضحكه وهو جالس مع قوم في مجلس.. فقال له الحسن..يا فتى.. هل مررت على الصراط؟ قال.. لا.. قال.. فهل تدري إلى الجنة تصير أم إلى النار..؟ قال.. لا.. قال: فما هذا الضحك).. صمتنا برهة.. ثم التفتتْ إلىّ.. إلى متى هذه الغفلة...؟ |
طفولة قلب
خمسة وأربعون عاماً مضت ... والمشهد؛ هو قرية هادئة وطفل صغير يحمل ثلاث سنوات من عمره! قلبه –أيضاً- صغير مليء بالبراءة والابتهاج وطن النجوم أنا هنا صدقاً أتذكر من أنا؟! ألمحت في الماضي البعيد فتى غريراً أرعنا جزلان يمرح في الحقول كما النسيم مدندنا يتسلق الأشجار لا ضجراً يحس ولا ونا ويعود بالأغصان يبريها سيوفاً أو قنى أنا ذلك الولد الذي دنياي كانت ها هنا صبي يقفز مع الصغار, وأحياناً يزاحم الكبار, يبحث عن رغبات, وأمنيات تنساب في ينابيع طفولته الطريّة! أقصى ما يتمنى؛ حلوى يلعقها, أو قطعة بسكويت يتملاها قبل أن يقضمها, أما الكاكاو, فلم يكن له وجود في عالمه!! وحب, وحنان من تلك الأم الرؤوم. وهناك الفوز الأعظم؛ حين يرتمي في حضنها الدافئ قبل إخوته؛ ليحتله بالكامل, وينتشي بابتسامة عذبة, حينما تتمتم بأدعية لا يفهمها؛ ولكنه واثق أنها حتماً تدعو له بخير ,وتدبر أموره على خير. في الخامسة؛ انتبه إلى أن هناك رجلاً في الدار يجب أن يحوز على إعجابه ورضاه ويثبت أمامه رجولته! وكم كان يعجبه أن يبدو كوالده رجلاً! هو رجل بسن الخامسة! غترته الطويلة تصل أجزاؤها إلى الكعبين فيما يشبه الثوب, ومحاولات للتسلل إلى (الدكان) حيث الرجال, والحلوى, والحب. حلم بدأ بأمه, ثم أبيه, وينمو, ينمو حلمه, ويكبر, ويكبر معه تماماً , كما تلقي بحجر في بحيرة, فتلاحظ الدوائر تحيط بمكان سقوطه, صغيرة, ثم تكبر تباعاً, وربما تحور الحلم, أو تبلور, أو تغير حسب مراحل حياته. جدران بيتهم الصغير لم تعد حدوداً لذاك الحلم فقط! نما وخرج إلى الشارع فالرفاق فالحارة ثم المدرسة فالمركز اتسع وتشعب, كشعاع الشمس. عندما قطع جزءاً من مرحلته الابتدائية؛ كان حلمه أن يصبح أحد إخوته طبيباً, ولكن ليس هو, فهو يكره رؤية الدم!! ولماذا طبيب؟! لأن والدته كانت تعاني من (القيلون ) ـ حسب تعبيرها! ـ الذي يرهقها؛ فيعز عليه ألمها. مَن حوله يثني على لغته, وحفظه, ولكن الأفكار كانت عاجزة عن فهم ما هية قدراته. إيحاء الفكرة اخترق حلمه؛ فشعر بالتميز, وانطلق نحو الأفق؛ فذاك الإحساس المشع لا يجب أن يُهمل, وهو دافع لإلهاب المخيال اليافع تجاه المستقبل الذي تخبؤه الأيام الحبلى. أخذ ينهل من العلم؛ فقد أوتي نهماً للقراءة!! بدأ يظهر, ويكبر والأب خير معين إذا لم يقف في طريق خطواته, ولم يحاول تحجيم أحلامه إطلاقاً , ما دام يسير في الطريق الصحيح, لم يكن والده متعلماً بما يكفي, لكن حكمة الأيام والتجارب كانت مدرسة طالما نهل منها وعانى مرارتها, ولا زال يذكره وهو يتلو القرآن من مصحفه الكبير بتحزين وتخشع. بدأ عقله يسابق جسده في النمو ؛ لدرجة أنه أغفل أو اغتال لهو الطفولة البريء, إلى جد الرجولة الجريء!! قرأ, وعرف, واتسعت ثقافته! وتظل بؤرة الانطلاق ذاك الطفل الذي أراد أن يصبح رجلاً موزون الكلمة, عالي الهمة... وكلما نضج, علم أن ثمت هدفاً لم يبلغه بعد. لم يلزم نفسه بأكبر من طاقتها ... حدد أهدافه... فمن لا يعرف إلى أين يتجه؛ قد تنتهي به خطواته إلى مالا يحب أن يكون, ولا يستمتع بما وصل إليه. مؤمن بأن الفشل ليس نهاية المطاف والخطأ ليس ذريعة للتقوقع ... المهم أن لا تسلب ثقتك ! تشرب مبدأ : حافظ على توازنك في جميع أمورك. رسم صورة في ذهنه لمستقبل مشرق بدرجة كافية,صورة تزوده بالأمل في لحظته الحاضرة ... طاقة إيجابية؛ تدفعه ليحقق الحلم, وتشعره بأهليته. إذاً فليثبت ذاته بجدارة! النزعة الكمالية لم تكن أبداً مطلبه؛ لأنه يعلم أن العيش بتلك الطريقة سيثقل كاهله, ويبطئ خطاه, ويضيع وقته, ويشعره –أيضاً- بأنه سيموت عندما يرتكب خطأ ما. لذلك قرر: أنه اجتماعي بطبعه, كما اكتشف وأدرك, فليحكم شبكة علاقاته مع الآخرين فهو يشعر بالانجذاب إليهم بقدر ما يشعرون هم بذلك نحوه! كما قرر أن الكمال بالجماعة لا الفرد وأفضل اللحظات تلك التي ننسجم فيها مع الآخرين, ونتعاون معهم فهنا القبول والرضا منهم! بل –وأيضاً- كسب ثقتهم, بشكل كاف؛ ليحبوه ويسمحوا له بأن يحبهم. كان واضحاً مع نفسه, ومتقبلاً لها؛ لذلك استخدم معاييره الشخصية, ومعايير المجتمع؛ ليحقق الامتياز الذي سعى نحوه. إذن: كان ذلك الطفل يحلم بالحلوى "المصّاصة" مثل التي مع ابن العمدة ... فمع التقدم تحولت الحلوى إلى ميكرفون؛ يلتقط كلماته؛ ليصبها في آذان مستمعيه! ينظر إلى ماضيه وحاضره ومستقبله؛ فيرى أنه في مرحلة الحضانة؛ لم يعلم أنه سيكون ذلك الصبي في الابتدائية, وفي المتوسطة, لم يعلم أن ذاك الفتى سيكون فتى النشاط والتوهج في الثانوية, وإن كان يحلم بأن يكون. والآن ذلك الشاب لم يكن يعلم أنه سيكون كما هو اليوم وإن كان يتوقع موقعاً مشابهاً , إن حالفه الحظ, وتكللت مساعيه بالنجاح. وبرغم كل شيء؛ فإنه لا يعلم أين سيكون في مرحلته المقبلة ... كل ما يعلمه أنه يرجو أن يأخذ ربه بيده إلى طريق الخير!! هو هو لا يزال ذلك الطفل الذي يشعر بالبراءة في أعماقه, ويسعد بصفاء النفس مع الآخرين, ويتتلمذ بطواعية تجاه الدروس العفوية الممتعة التي تزخر بها الحياة من حوله ويتلقنها من الصغار في عفويتهم , ومن الكبار في ميادين تجربتهم, ومن القراءة في حقول المعرفة. أجمل ما يحس به, أنه يعرف جهله, فلا يغره إطراء المادحين, ويعرف صدق مقصده؛فيؤمن أن الله اللطيف سيرعاه, ويمنحه القوة والصبر على عنت الحياة و تجاوز الأحجار التي يضعها من لا يفرحون بالنجاح. من تجربته الصغيرة آمن بطفولة القلب, ولم يؤمن بطفولة العقل! سلمان بن فهد العودة .................. |
من يسدد فاتورة الخطأ
كانت نبرة محدثتي مليئة بالتشاؤم والسوداوية تشعر بالظلم والقهر والحرمان، انعكس شعورها على الكلمات فبدت رسائلها الإلكترونية نموذجاً للشعور بالغبن وضيق الحيلة. هي فتاة على مشارف الأربعين، كانت الأثيرة لدى والدها، فهو يعاملها برفق ومحبة، وبوفاة والدها فقدت الصدر الحاني والكلمة الطيبة، يعاملها إخوتها ووالدتها بجفاء ويرفضون من يتقدم لخطبتها بحجة عدم اقتناعهم به، حتى لم يعد يتقدم لها أحد.. تطورت العلاقة السيئة بأسرتها فكانت القطيعة وانعزلت في غرفتها لا تخرج منها، ولا يحدثها أحد، وبعد مناورات وإلحاح شديد منها تم إدخال الإنترنت إلى غرفتها. بحثت هذه الفتاة في مواقع الإنترنت عما افتقدته داخل المنزل من حب وحنان وتفاهم، وسجلت بياناتها في أكثر من موقع للزواج علها تجد زوجاً يحبها وينقذها من حياة الوحدة والتعاسة التي تعيشها. وتحت وطأة الحرمان أدمنت الإنترنت، وخدعت أكثر من مرة لتكتشف أن الكثير من الشباب يهدف إلى المتعة والتسلية وليس إلى البحث عن شريكة حياة وصدر حانٍ يحتويه بعكس الفتيات. لكنها اعتقدت أنها وجدت في علاقتها الأخيرة الشاب الذي تبحث عنه فهو محب وعطوف يسمع منها ويطيب خاطرها ويبعث فيها الأمل بأن حياتها معه مستقبلاً ستعوضها عما لاقت من حرمان. دامت علاقتهما ثلاث سنوات كانت وسيلة الاتصال بينهما الهاتف النقال والماسنجر مع وجود كاميرا في جهاز الحاسب لديه، مبرراً ذلك بأنه سيكون زوجها مستقبلاً ولها الحق في رؤيته، هو باختصار لم يكن بريئاً أو طاهراً، وكما يتقبل العطشان شرب الماء حتى لو كان ملوثاً، هكذا قبلت ما يقول وتفاعلت معه، متعلقة بحبال الأمل بأن ينقلها من حياة القهر التي تعيشها إلى حياة زوجية سعيدة. وكلما فاتحته بأمر الزواج تحجج بالمرض وبضيق ذات اليد، حتى إنها أرسلت له مالاً وسعت لمساعدته بأكثر من وسيلة. وبعد إلحاح منها للتقدم لخطبتها أو إنهاء العلاقة، أفصح لها أخيراً أنه يخشى من تجاربها السابقة، وطلب منها القسم على المصحف، بعدم ارتكابها الخطأ في ماضيها. حاولت إقناعه بأنها محبة له ومخلصة وبأن طيش الماضي مهما كان لن يؤثر على علاقتهما مستقبلاً، لكنه أصر على القسم، وحتى لو أقسمت فسيظل الشك يهدد حياتهما الزوجية، مادامت هذه هي البداية. هذه مع الأسف حال بعض الفتيات المغرر بهن في مجتمعنا، يخطئ الرجل ويخطب ويتزوج ولا أحد يسأل عن ماضيه أما الفتاة فتبوء بإثم خطئها كبيراً كان أم صغيراً. ضاقت الدنيا بهذه الفتاة وفكرت بالانتحار للتخلص من همها، بعد أن عضلها أهلها برفضهم جميع من يتقدم لخطبتها، ومقاطعتها، وبعد فشلها في البحث عن حياة مستقرة في كنف زوج يحبها، وقد أخطأت الوسيلة فماذا تفعل، إلى من تلجأ هذه الفتاة وأمثالها؟! أنا لا أسرد عليكم قرائي الأعزاء هذه القصة الواقعية لتشاركوني في إنقاذ الفتاة، لكنني أسردها ليقرأها الأهالي فتكون لهم عبرة ليكونوا أكثر قرباً واحتواءً وتفهماً لأولادهم ليغدقوا عليهم الحب والحنان كي لا يحاولوا البحث عنه في مكان آخر، ولتقرأها الفتيات ليعلمن أن الرجل حين يرغب في الزواج فإنه لا يفكر بمن كانت تجاريه في لهوه، وأن العلاقات عبر الهاتف أو الإنترنت بالنسبة للرجال هي وسيلة للمتعة والتسلية، وليست بحثاً عن الاستقرار، وتبقى فاتورة الخطأ معلقة بانتظار من يسددها. د.فاطمة العبودي |
محاضرة منعته من الطلاق
في مغرب الجمعة 5/2/1428هـ ، كانت هناك محاضرة في جامع الملك عبد العزيز في تبوك عن : ( الدفاع عن المرأة ) لفضيلة الشيخ عبد العزيز الحميد ـ وفقه الله ـ. وتحدث الشيخ عن ظلم الرجال ، والطلاق وغيره " . ومن عجيب المواقف أن رجلاً كان قد نوى الطلاق وقرر ذلك ولكنه كان ماراً بسيارته وزوجته معه ، فوقف عند المسجد ليستمع المحاضرة وهو في سيارته ويا سبحان الله ، ذهب عنه ما يجد من الرغبة في الطلاق ، ورجع إلى زوجته وتصالحا ولله الحمد .. وقد حدثني بالقصة صاحب ذلك الرجل الذي ذهب معه للطلاق في المحكمة . محبكم في الله / أبو جهاد .. سلطان بن عبد الله العمري |
منذ أربعين سنة لم يصل
يقول أحد الأطباء دعيت لمؤتمر طبي بأمريكا فخطر لي أن أحضر بملابسي العادية ( ثوب وغترة) . وصلت إلى هناك دخلت الصالة فرأيت طبيباً عربياً فجلست بجانبه فقال بدل هذه الملابس ( لا تفضحنا أمام الأجانب ) فسكتُ ، بدأ المؤتمر مضت ساعات دخلت صلاة الظهر فاستأذنت وقمتُ وصليت ُ كان مظهري ملفتاً للنظر ثم دخلت صلاة العصر فقمت أُصلي. فشعرت بشخص يصلي بجانبي ويبكي فلما انتهيت فإذا صاحبي الذي انتقد لباسي يمسح دموعه.. ويقول : هذه أول صلاة منذ أربعين سنة !! فدهشت فقال جئت أمريكا منذ أربعين سنة وأحمل الجنسية الأمريكية ولكني لم أركع لله ركعة ولما رأيتك تصلي الظهر تذكرت الإسلام الذي نسيته وقلت إذا قام هذا الشاب ليصلي ثانية فسأصلي معه .. فجزاك الله خيراً ومضت ثلاثة أيام والمؤتمر بحوث لأطباء تمنيت أن أحدثهم عن الإسلام لكنهم مشغولون وفي الحفل الختامي أردت انتهاز الفرصة لدعوتهم فأشار المدير أن وقتي انتهى فخطر لي أن أضع علامة استفهام وأجلس فقلت : مؤتمر يكلف الملايين لبحث ما بداخل الجسم فهذا الجسم لماذا خلق أصلاً ؟ ثم ابتسمت ونزلت فلاحظ المدير دهشتهم فأشار أن استمر فتحدثت عن الإسلام وحقيقة الحياة والغاية من الخلق ونهاية الدنيا فلما انتهيت قامت أربع طبيبات وأعلنّ رغبتهنّ في الدخول في الإسلام . فأقول ياله من دين لو كان له رجال . شامل ... من كتاب / هل طرقت الباب |
توبة شاب ( كان يتعرض للنساء )
إنها قصة مؤثرة ، يرويها أحد الغيورين على دين الله ، يقول : خرجت ذات يوم بسيارتي لقضاء بعض الأعمال وفي إحدى الطرق الفرعية الهادئة قابلني شاب يركب سيارة صغيرة ، لم يراني ، لأنه كان مشغولاً بملاحقة بعض الفتيات في تلك الطريق الخالي من المارة . كنت مسرعاً فتجاوزته ، فلما سرتُ غير بعيد ، قلت في نفسي : أأعود فأنصح ذلك الشاب ؟ أم امضي في طريقي وأدعه يفعل مايشاء ؟ وبعد صراع داخلي ، دام عدة ثواني فقط ، اخترت الأمر الأول . عدت ثانيةً فإذا به قد أوقف سيارته وهو ينظر إليهن ينتظر منهن نظرة أو التفاته فدخلنا في احد البيوت ، أوقفت سيارتي بجوار سيارته نزلت من السيارة واتجهت إليه سلمت عليه أولاً ثم ناصحته فكان مما قلت له : تخيل أن هؤلاء الفتيات أخواتك أو بناتك أو قريباتك . فهل ترضى لأحد من الناس أن يلاحقهن أو يؤذيهن ؟ و كنت أتحدث إليه وهو مطرق الرأس وفجأة التفت إلّىِّ فإذا دمعة سالت على خده فاستبشرت خيراً. وكان ذلك دافعاً لي لمواصلة النصيحة ، وقبل أن أتركه طلب مني أن اكتب له رقم هاتفي وعنواني واخبرني انه يعيش فراغاً قاتلاً ، فكتبت له ما أراد . وبعد أيام جاءني في البيت وقد تبدلت ملامحه ، فقد أطلق لحيته وشع نور الإيمان من وجهه جلست معه فجعل يحدثني عن تلك الأيام التي قضاها (( في التسكع )) في الشوارع والطرقات وإيذاء المسلمين والمسلمات فأخذت اسليه وأخبرته أن الله واسع المغفرة، فاستبشر خيراً ثم ودعني وطلب مني أن أرد الزيارة . ثم ذهبت إليه بعد أيام فطرقت الباب فإذا بشيخ كبير يفتح الباب وقد ظهرت عليه آثار الحزن والأسى ، إنه والده . سألت عن صاحبي أطرق برأسه إلي الأرض ثم قال بصوت خافت : يرحمه الله ويغفر له ، لقد مات . ثم استطرد قائلاً : حقاً إن الأعمال بالخواتيم . ثم أخذ يحدثني عن حاله وكيف أنه كان مفرطاً في جنب الله بعيداً عن طاعة الله ، فمنّ الله عليه بالهداية قبل موته بأيام ، لقد تداركه الله برحمته قبل فوات الأوان. فلما فرغ من حديثه عزيته ومضيت ،،،،،،، وقد عاهدة الله أن ابذل النصيحة لكل مسلم . من كتاب العائدون إلى الله شامل |
لسانها يردد (لا إله إلا الله ) حتى ماتت
في أحد الأيام ذهبت أنا وأحد الإخوان إلى أحد المستشفيات بغرض زيارة مريض وبينما نحن عند موظف الاستقبال نسأل عن غرفة هذا المريض قابلنا أحد الزملاء وقال لنا : أريد أن أزور أحد الإخوان وأريد أن أقدم له واجب العزاء في والدته قلت لزميلي لعلنا نذهب معه . دخلنا الغرفة وسلمنا على الرجل ... بدأنا نتكلم عن الموت والحياة وكنا نريد التخفيف على هذا الأخ فلما فرغنا . بدأ هذا الأخ بالتحدث وكان متماسكاً وصابرا .... والله كأنه هو الذي يواسينا وليس نحن وبدأ يسرد قصته يقول : والدتي كبيرة في السن وكانت تعيش مع والدي في قريتنا التي تقع جنوب المملكة ويقول بأنها كانت تعاني من بعض الأمراض فسافرت لكي أحضرها إلى تبوك لكي أبدأ بعلاجها .. أدخلتها المستشفى وبعد الفحوصات قال الطبيب لوالدتي : أنت مرضك لا يمكننا أن نعالجه. يقول الأخ : بكل هدوء قالت والدتي : يا دكتور ( الله لم يخلق داء إلا له دواء) خرجت من عند الطبيب أنا وأمي وكان واضح على وجهها علامات الهم والحزن.. ولكنها كانت صابرة محتسبة قلت سوف أذهب بها إلى الرياض عن طريق البر لكي تزور أخي الثاني وفرصة لكي أخرجها من حالة الهم والحزن الذي كانت تعيشه . وبعد خروجنا من تبوك بحوالي مائة وعشرين كيلوا انقلبت السيارة وقذفت السيارة بوالدتي إلى الخارج و ارتطمت بالأرض ... خرجت من السيارة واتجهت إلى والدتي وإذا بها كانت تردد (لا إله إلا الله ) ولما وصلنا إلى المستشفى وهي مازالت تردد نفس الكلمة. قال الطبيب : إن هذه الحالة من أغرب الحالات التي مرت لأن جزء من الدماغ قد تهشم و بعض من أعضاء جسمها ومازال لسنها يردد ( لا إله إلا الله ) حتى ماتت ... يقول هذا الأخ : إنها كانت صائمة. يقول الأخ : أنا لست حزين على موتها ولكني حزين على أن باب من أبواب الجنة قد أغلق وهو باب بر الوالدين ولكن أسأل الله أن يعينني على برها بعد موتها وذلك بالدعاء لها والصدقة عنها . أسأل الله رب العرش العظيم أن يحسن خاتمتنا ويرزقنا الثبات حتى الممات . ................. هذه القصة وقفت عليها بنفسي أبو فيصل |
من قصص الصائمات
عن ابن سيرين قال : خرجت أم أيمن مهاجرة إلى الله وإلى رسوله صلي الله عليه وسلم وهي صائمة ليس معها زاد ولا حمولة ولا سقاء في شدة حر تهامة ، وقد كادت تموت من الجوع والعطش ، حتى إذا كان الحين الذي فيه يفطر الصائم سمعت خفيقاً على رأسها فرفعت رأسها فإذا دلو معلق برشاء أبيض ، قالت : فأخذته بيدي فشربت منه حتى رويت فما عطشت بعد ، قال : فكانت تصوم وتطوف لكي تعطش في صومها فما قدرت على أن تعطش حتى ماتت . الكاتب: القسم العلمي. |
مشكووووووور:004::sm90:
|
الله يسلمك
|
هدايتي عبر جهاز المكرفون
سلطان العمري أخبرني صاحبي عن أحد التائبين في الحي الذي يسكن فيه وقال: إن ذلك التائب كانت توبته غريبة؛ كان الشاب في بيته في " الحوش " يدخن والناس يصلون العصر، وبعد الصلاة قام أحد الدعاة في المسجد وألقى كلمة عن الجنة والنار. يقول الشاب: فدخلت الكلمات إلى قلبي ورميت السيجارة وتوضأت ودخلت المسجد وصليت العصر واستمعت لباقي الكلمة. ومن بعد تلك الكلمة إلى هذه اللحظة وأنا في عالم الاستقامة بحمد الله تعالى. قلتُ: وهنا إشارات: - ضرورة تفعيل الكلمات داخل المساجد التي في الأحياء، وعدم الاقتصار على المساجد الكبار. - أهمية الدعوة إلى الله في إنقاذ الناس من النار ومن الطريق المؤدية إليها. - لا بد من العناية بالمواعظ التي تحرك القلوب. - الناس فيهم خير ولو كانوا ممن يمارسون الكبائر، ولكن أين الذي يعتني بهم ويتقن التأثير فيهم. - أهمية المكرفونات الخارجية للمسجد ودورها في إيصال صوت الحق للناس في بيوتهم، ولكن لا بد من مراعاة مناسبة الصوت وعدم رفع الصوت بشكل مزعج. |
الزلاقة
أسماء محمود إبراهيم عبدالرحمن جلس المعتمد بن عباد صاحب إشبيليَّة يُفكر في هول ما صنع، بعدما وردت إليه الأنباء بأنَّ ألفونسو السَّادس القشتالي قد غزا مملكة بني هود، واستولى عليها بعد أن ضرب عليها الحصار. وأدرك المعتمد أنَّ الدور قادم عليه لا مَحالة، ولن تنفعه محالفته لألفونسو، ولا دفع الجزية له، ولا مساعدته له على إخوانه المسلمين، وظَلَّ المعتمد يتعجب كيف طاوعته نفسه على أن يعاونَ الفرنجة على غزو طليطلة، وقد كانت حاضرةَ بني ذي النُّون، وعاصمةَ الدَّولة الأموية لمدة تزيد عن ثلاثمائة وخمسين عامًا، وحاول أن يهرب من وطأة تأنيب الضَّمير، فبرر فعلته بأنه أدَّب بني ذي النون خصومه، كما أنه لم يكن ليملك حيلة أمام قوات ألفونسو، ثُمَّ إنَّه لم يفعل أكثر مما فعل ملوك الطوائف الآخرين، الذين تحالفوا مع الفرنجة. ولكن صحوة الضمير التي انتابته أبطلت له هذه الحجة، فقد رأى بعينه كيف هبَّ المتوكل بن الأفطس حاكم بطليوس، الذي أرسل جيشًا بقيادة ابنه الفضل لنجدة طليطلة، ولم يدفع يومًا جزية للفرنج، ولم يُعاضدهم على إخوانه المسلمين، ورغم أنَّ جيش ابن الأفطس لم يكتب له التَّوفيق في صد الهجوم الإفرنجي الإشبيلي؛ إلاَّ أن الرجل بَرَّأ ذمَّته أمام الله وأمام المسلمين، وأمن اللَّعنة على منابر الأندلس، والتي ظَنَّ المعتمد أنَّها لاحقته لا مَحالة، ليس هذا فحسب، بل يغزوه ألفونسو كما غزا بني هود، وهُمْ حلفاؤه المقرَّبون، فيجتمع عليه خزيُ الدنيا والآخرة. وفي تلك الأثناء إذ بالحاجب يدخل عليه يبلغه بوفود رسولٍ من قشتالة للقائه، فإذا بكتاب من ألفونسو قال فيه: "كَثُر - بطول مقامي - في مجلسي الذُّبابُ، واشتدَّ عليَّ الحرُّ، فأتحفني من قصرك بمروحة أروِّح بها عن نفسي، وأطرد بها الذباب عن وجهي". وفطن المعتمد إلى ما يرمي إليه ألفونسو، وعلم أنَّه يريد غزو إمارته، فرد عليه المعتمد: "قرأت كتابك، وفَهِمْت خُيَلاءَك وإعجابك، وسأنظر لك في مراوِحَ من الجلود اللَّمْطيَّة، تروح منك، لا تروح عليك، إن شاء الله". ولم يقصد المعتمد بجوابه هذا إلاَّ أنَّه أخيرًا سيخلع عباءة الذُّلِّ والخنوع، وسيستبدل بها رداءَ العِزِّ والكبرياء، ولن يكونَ هذا إلا بموالاة إخوانه المسلمين والعَوْدة إلى ما شرع دين الله، الذي ذل عندما ابتغى العزَّ في غيره. بعث المعتمد من رُسُلِه إلى ملوك غرناطة وبطليوس وقرطبة يطلب إليهم الاجتماع، فجاؤوا على عَجَل، فهم - أيضًا - تُساورهم نفس المخاوف. وتشاور القُوَّاد في أمر الغزو الصليبي، واتَّفقوا جميعًا على توحيد صُفُوفهم لرَدِّه، ولكن أيَّة صفوف هذه التي سيوحدونها وقد كَفَّت جيوشُهم عن الغزو والفتح منذ زمن طويل، ولم يستخدموا جيوشَهم إلاَّ في مناوشة بعضهم البعض؟! وكيف سيصمدون أمام هذا الطُّوفان الصليبي وقد سلَّموا إليهم قلاعًا وحصونًا اتِّقاء شرِّهم؟! وأمام هذا الخطب الجلل لم يَجدوا أمامهم إلاَّ ملاذًا واحدًا؛ لعلَّ الله - تعالى - يَجعل فيه مخرجًا: إنَّهم المرابطون في المغرب، الذين لم يجعلوا لهم هدفًا في الحياة إلا الجهادَ في سبيل الله وإعلاء كلمته، وقد نجحت هذه الدولة الفتية أن تقيمَ للإسلام قاعدة عريضة مَهيبة، وقد ضمَّت المغرب والجزائر وتونس وموريتانيا. وأجمع الحاضرون على طَلَبِ النَّجدة من يوسف بن تاشفين سلطان المغرب، وأن يضمُّوا صُفُوفَهم إلى صفوفه، وسُرَّ المعتمد بهذا الاتِّفاق الذي لم يحدث منذ زمن بعيد، ولكن ابنه ما لبث أنِ اعترض على هذا القرار قائلاً: وكيف نضمن إذا جاء المرابطون إلى الأندلس لا يَضُمُّونها إليهم، ويُجردوننا من ملكنا؟ فرَبَتَ المعتمد على كتف ابنه وقال له: "أيْ بُنَي، والله لا يسمع عني أبدًا أنَّنِي أعدت الأندلس دارَ كُفر ولا تركتها للنَّصارى، فتقوم عليَّ اللَّعنة في منابر الإسلام، مِثْلَما قامت على غيري، وإنَّنا إن دُهينا من مُداخلة الأضداد[1] لنا، فأهونُ الأمرين أمرُ المُلَثَّمين[2]، ولأَنْ يرعى أولادُنا جمالَهم أحبُّ إليهم من أنْ يرعَوا خنازيرَ الفرنج"؛ ولَمَّا تأثَّر بعضُ حاشيته من كلام ابنه، خوَّفوه من ابن تاشفين، فقال لهم: "تالله، إنَّني لأوثر أن أرعى الجمالَ لسلطان مراكش[3] على أن أغدوَ تابعًا لملك النصارى وأن أؤدِّيَ له الجزية، إنَّ رعيَ الجمال خيرٌ من رعي الخنازير". فكتب المعتمد بن عباد إلى يوسف بن تاشفين يقول له: "إنْ كنت مؤثرًا للجهاد، فهذا أوانه، فقد خَرَجَ الفرنج إلى البلاد، فأسرعْ في العُبُور إليهم، ونَحن - معاشرَ أهل الجزيرة - بين يديك". وكاتب أهلُ الأندلس من الخاصَّة والعلماء يستصرخونه في تنفيس العَدُوِّ عن مَخنقهم، ويكونون معه يدًا واحدة عليه. وقَبِلَ ابن تاشفين الدَّعوة، شَرْطَ أنْ يسلمه ابن عباد الجزيرة الخضراء، وأعَدَّ العُدَّة، وجهز الجيش، وأَمَرَ أنْ تُحمل الجمال على السفن إلى جزيرة سبتة، فعَبَر منها ما أغص الجزيرة، وارتفع رغاؤها إلى عنان السماء، وكان ليوسف في عبورها غاية بعيدة، ثُمَّ سار ابن تاشفين بجيشه من سبتة، وما كادت السُّفُن تنشر قلاعها حتى هاج البحر، فصعد إلى مقدمة السفينة، ورفع يديه نحو السماء، ودعا الله مخلصًا: "اللَّهم إن كنت تعلم أنَّ في جوازي هذا خيرًا وصلاحًا للمسلمين، فسَهِّل عليَّ جواز هذا البحر، وإن كان غير ذلك، فصعِّبْه حتَّى لا أجوزه"؛ فهدأ البحر، وجازت السُّفُن سراعًا، ولَمَّا وصلت إلى شاطئ الأندلس، سجد لله شكرًا. وتسلَّم ابن تاشفين الجزيرة الخضراء، وأَمَر بتحصينها أَتَمَّ تحصين، ورتب بها حامية مُختارة؛ لتسهر عليها، وشحنها بالأقوات والذَّخائر؛ لتكون ملاذًا آمِنًا، يلتجئ إليه إذا هُزِم. يتبع |
ثم غادرها جيشه إلى إشبيليَّة، وتعهَّد كلُّ أمير من أمراء الأندلس أن يَجمع كلَّ ما في وُسعه من الجُنْد والمُؤَن، وأن يسيرَ إلى مكان مُحدد في وقت مُعين، ولبث ابن تاشفين في إشبيلية ثمانية أيام؛ حتى يرتب القُوَّات وتتكامل الأعداد، وكان صائمَ النَّهار قائم الليل، مكثرًا من أعمال البر والصَّدقات، ثُمَّ غادر إشبيلية إلى بطليوس، في مُقدمة الجيش الفرسان، يقودهم أبو سليمان داود ابن عائشة، وعددهم عشرة آلاف، ثم قوات الأندلس عليهم المعتمد بن عباد، ثُمَّ سار بعدهم - بيوم واحد - جيشُ المرابطين، ولَمَّا وصلوا إلى بطليوس، أقام هناك ثلاثة أيام.
ولما سمع ألفونسو بِمَقْدم المرابطين وكان محاصرًا سرقسطة، تحالف مع ملك "أراجون" و"الكونت" ريموند، فانضَمَّا إليه، وانضَمَّ إليه كذلك فرسانٌ من فرنسا، وجاءته الإمدادات من كلِّ صَوْب من ملوك أوروبا، واستنفر الفرنجة للخروج، ورفع القسيسون والرُّهبانُ والأساقفة صُلبانَهم، ونشروا أناجيلهم، فاجتمع له منهم ما لا يُحصى عددُه. ثُمَّ برز ألفونسو بالشجعان المهرة من جنوده، وترك بقيَّة جموعه خلفه، وقال حين نظر إلى ما اختاره منهم: "بهؤلاء أقاتل الجنَّ والإنسَ وملائكة السماء". وكان جيش المسلمين ثمانية وأربعين ألفًا، نصفُهم من الأندلسيِّين، ونصفهم من المرابطين، أمَّا جيش ألفونسو فقد كان مائة ألفٍ من المشاة، وثمانين ألفًا من الفُرسان، منهم أربعون ألفًا من ذوي العدَد الثقيلة، والباقون من ذوي العدَد الخفيفة. وعَسْكَر الجيشان قُرْبَ بطليوس في سهل تتخلَّله الأَحْرَاشُ، وفرَّق بين الجيشين نَهرٌ صغير، وضرب ابن تاشفين مُعسكره وراء رَبْوة عالية، منفصلاً عن مكان الأندلسيين، وعَسْكَر الأندلسيون أمام النَّصارى، ولَبِثَ الجيشان أمام بعضهما ثلاثةَ أيَّام، ثُمَّ أرسل يوسف بن تاشفين لألفونسو كتابًا يعرض عليه فيه الدُّخولَ في الإسلام أو الجزية أو الحرب؛ كما هي السُّنة. ومن جملة ما في الكتاب: "بلغنا - يا أذفونش[4] - أنَّك دعوت اللهَ في الاجتماع بنا، وتَمنَّيْت أن تكونَ لك سُفُنٌ تعبر عليها البحر إلينا، فقد عبرناه إليك، وقد جمع الله - تعالى - في هذه العَرْصَة بيننا وبينك، وسترى عاقبة دعائك". فلما سمع ألفونسو ما كتب إليه يوسف، جاش بَحر غيظه، وزاد في طغيانه، وأقسم ألاَّ يبرحَ من موضعه حتَّى يلقاه. واستمرت المُكاتبات بعد ذلك في شأن المعركة، ومما كتبه ألفونسو: "إنَّ غدًا يوم الجمعة وهو يوم المسلمين، ولست أراه يصلح للقتال، ويوم الأحد يوم النَّصارى، وعلى ذلك فإنِّي أقترح اللِّقاء يوم الاثنين، ففيه يستطيعُ كلٌّ منَّا أن يجاهد بكل قواه؛ لإحراز النَّصر دون الإخلال بيومه"، فقَبِلَ ابن تاشفين الاقتراح، ومع هذا تَحَوَّط المسلمون وارتابوا من نِيَّات ملك قشتالة، فبعث ابن عباد عيونه؛ لترقبَ تَحرُّكات معسكر النَّصارى. فلَمَّا كان الفجر من يوم الجمعة؛ وبينما ابن عباد في آخر ركعة من صلاة الصُّبح؛ إذ أقبلت الخيلُ التي كانت طليعةً على العدو مسرعةً إليه؛ فأخبروه أنَّ العدو قد زحف نحو المسلمين في أُمَمٍ كالجراد المنتشر، فأرسل الخبر إلى ابن تاشفين يعرفه غَدْرَ ألفونسو، فاستعدَّ، وأرسل كتيبة؛ لتُشاغِلَ ألفونسو وجيشه. تهيَّأ الطَّرَفان للمعركة، وسيَّر ألفونسو القسمَ الأول من جيشه بقيادة جارسيان ورودريك؛ لينقضَّ على معسكر الأندلسيين الذي يقوده المعتمد، آملاً في بثِّ الرعب في صفوف المسلمين، ولكنَّهم وجدوا أمامهم جيشًا من المرابطين قوامه عشرة آلاف فارس، بقيادة داود ابن عائشة، أشجع قادة ابن تاشفين، ولم يستطع ابنُ عائشة الصُّمود؛ لكثرة النَّصارى وعُنف الهجوم، لكنَّه استطاع تَحطيم عُنف الهجمة، وخَسِرَ كثيرًا من رجاله في صَدِّ هذا الهجوم. ولما رأى الأندلسيُّون كَثْرة النَّصارى، هرب بعضُ أمرائهم، بَيْدَ أن فرسان إشبيلية بقيادة أميرهم الشُّجاع المعتمد بن عباد استطاعوا الصُّمُود، وقاتلوا قتالَ الأسود الضَّواري، يؤازرهم ابن عائشة وفرسانه. وأيقن ألفونسو بالنَّصر عندما رأى مُقاومةَ المعتمد تضعُف، وفي هذه اللحظة الحرجة وَثَبَ الجيشُ المرابطي المظفر إلى الميدان، وقد كان مُختبأً خلف رَبْوة عالية لا يُرى، وأرسل ابن تاشفين عِدَّة فِرَقٍ لغَوْث المعتمد، وبادر بالزَّحف في حرسه الضَّخم، وكان لقوات ابن تاشفين أَثَرٌ كبير في إنعاش الجيش المسلم؛ بسبب الجمال التي امتلأ بها جيشه، ولم يكن الفرنجة قد رأوا قَطُّ جمالاً، ولا كانت خيلهم قد رأت صُوَرَها، ولا سمعت أصواتَها، وكانت تُذعَر منها وتقلق، وكان ليوسف بن تاشفين في عبورها رأي مُصيب، كان يُحْدِقُ بها مُعسكره، وكان يُحضرها الحرب، فكانت خيلُ الفرنج تحجم عنها. واستطاعَ الجيشُ الإسلاميُّ أن يُباغتَ معسكرَ ألفونسو، الذي كان يطاردُ ابن عباد حتى بعد قدوم النَّجدات التي أرسلها ابن تاشفين. وفي تلك اللحظة يرى ألفونسو جموعًا فارَّةً من النَّصارى، وعلم أن ابن تاشفين قد احتوى المعسكر النَّصراني، وفَتَكَ بمعظم حرسه، وغَنِمَ كلَّ ما فيه، وأحرق الخيام، فتعالت النار في محالهم، وما كاد ألفونسو يقف على هذا النبأ حتى ترك مطاردة الأندلسيين، وارتد من فوره؛ لينقذ محلته من الهلاك، وليسترد معسكره، وقاتلوا الجيش المرابطي بجلد، وكان ابن تاشفين يحرض المؤمنين على الجهاد، وكان بنفسه يقاتل في مقدمة الصُّفُوف يخوض المعركةَ في ذِرْوة لَظَاها، وقد قتلت تحته أفراسٌ ثلاثة، وقاتل المسلمون قتالَ من يطلب الشَّهادة ويتمنى الموت. ودام القتال بضعَ ساعات، وسقطت ألوف مُؤلفة، وقد حصدتهم سيوفُ المرابطين، وبدأت طلائعُ الموقعة الحاسمة قبل حلول الظَّلام، فقد لاحظَ ابن عباد وابن عائشة عند ارتدادهما في اتجاه بطليوس أن ألفونسو قد كفَّ عن المطاردة فجأة، وسرعان ما علما أنَّ النصر قد مال إلى جانب ابن تاشفين، فجمعا قُواتِهما وهرولا إلى الميدان مرَّة أخرى، وأصبح ألفونسو وجيشه بين مِطْرَقَةِ ابن عباد وسَنْدَانِ ابن تاشفين. وكانت الضربة الأخيرة أنْ دفع يوسفُ بن تاشفين بحرسه - وقوامُه أربعة آلاف - إلى قلب المعركة، واستطاع أحدُهم أن يصلَ إلى ملك قشتالة ألفونسو، وأن يطعنَه بخنجر في فخذه طعنة نافذة، وكانت الشَّمسُ قد أشرفت على المغيب، وأدرك ألفونسو وقادَتُه أنَّهم يواجهون الموتَ، ولما جَنَّ الليل، بادر ألفونسو في قِلَّة من صَحْبِه إلى التراجع والاعتصام بتَلٍّ قريب، ولما حَلَّ الليل، انحدر ومن معه تحت جنح الظلام إلى مدينة قورية. ولم ينجُ من جيش القشتاليِّين مع ملكهم سوى أربعمائة أو خمسمائة فارس، معظمهم جرحى، ولم ينقذِ البقيَّةَ من جيش ألفونسو سوى حلول الظلام؛ حيثُ أمر ابنُ تاشفين بوقف المطاردة، ولم يصل إلى طليطلة فيما بعدُ من الفرسان سوى مائة فارس فقط. وقضى المسلمون لَيْلَهم في ساحة القتال يُردِّدون أناشيد النَّصر؛ شكرًا لله - عزَّ وجل - فلَمَّا بزغ الفجر أدَّوْا صلاة الصبح في سهل الزَّلاَّقة، ثم حشدوا جموعَ الأسرى، وجمعوا الأسلاب والغنائم، وأمر ابن تاشفين برؤوس القَتْلى، فصفت في سهل الزلاقة على شكل هرم، ثم أمر فأُذِّن للصلاة من فوق أحدها، وكان عددُ الرؤوس لا يقل عن عشرين ألف رأس. وكَتَبَ أميرُ المسلمين بالفَتْح إلى بلاد العدوة، وإلى تَميم صاحب المدينة، فعُمِلت المُفْرِحات في جميع بلاد إفريقيَّة وبلاد المغرب والأندلس، واجتمعت كلمةُ الإسلام، وأخرج النَّاس الصدقات، وأعتقوا الرِّقاب؛ شكرًا لله - تعالى - على صُنْعِه الجميل وفضله، وذاع خبرُ النصر، وقرئت البُشرى به في المساجد وعلى المنابر، وغَنِمَ المسلمون حياةً جديدةً في الأندلس، امتدت أربعة قرون أخرى. ــــــــــــــــــــــ [1] المنافسين. [2] لقب المرابطين. [3] يقصد: المغرب. [4] يعني: ألفونسو. |
ابتسامة تائب فى ساعة الاحتضار ( قصة رائعة )
يقول أحد الدعاة حدثني صاحب لي قال : كنت ذاهباً إلى إحدى الدول العربية لمهمة تستغرق يوماً واحداً وبعد أن أنهيت مهمتي , عدت إلى المطار استعداداً للإياب وكلِّي تعب ونصب من هذه الرحلة التي ما ذقت فيها النوم إلا غفوات .. فالتفتُّ يمنة ويسرة وبحثت عن المسجد لأصلِّي , فوجدت في المطار مكاناً أُعِدَّ للصلاة .. فذهبت إليه ونمت نوماً عميقاً , وقبيل الظهر استيقظت على بكاء شاب يصلي ويبكي بكاءً مريراً , قال : فعدت لنومي وقد أعياني التعب والنصب , ثم دنا ذلك الباكي مني بعد لحظات , وأيقظني للصلاة , ثم قال : هل تستطيع أن تنام ؟ قال : قلت : نعم , قال الشاب : أما أنا فلا أقدر على النوم , ولا أستطيع أن أذوق طعمه , قال : قلت : نصلي وبعد الصلاة يقضي الله أمراً كان مفعولاً ، قال : ثم أقبلت عليه بعد ذلك , فقلت : ما شأنك قال الشاب : أنا من الرياض ومن أسرة غنية كل ما نريده مهيأ لنا من المال والملبس والمركب .. ولكنني مللت الروتين والحياة .. فأردت أن أخرج خارج البلاد ثم أجَّلت النظر هل أذهب إلى دولة يذهب إليها الناس , فاخترت بين دول عدة هذه البلاد التي أنا وإياك في مطارها حتى لا يعرفني أحد وما كان همي فعل فاحشة بل لعب وضياع وقت ولهو وتفسح . ولما وصل هذا الشاب إذا برفقة سوء قد أحاطت به إحاطة السوار بالمعصم .. فاطمأن إليها بادئ الأمر وما زالوا معه من فساد إلى فساد ومن عبث إلى عبث حتى أتوا به إلى خطوات الزنا مع الجواري والفتيات الغانيات الفاجرات .. وما زالوا به حتى انفرد بواحدةٍ منهن وما زالت تلاعبه حتى وقع عليها وزنى بها .. ولما بلغ به الأمر مبلغه وبلغت فيه الشهوة ذروتها وأخرج ما في جوفه إذا بحرارة تلسع قلبه وتضرب ظهره .. وبدأ يبكي ويصيح : زنيت ولأول مرة .. كيف هتكت هذا الجدار والسور المنيع من الفاحشة .. إني سأحرم حور الجنة وبدا عليه شأن وأمر غريب وعجيب وخرج من الباب باكياً . وإذا بفاجر يقابله فقال له : ما لك تبكي ؟ قال الشاب : ولِمَ لا أبكي ، لقد زنيت ، فقال له : الأمر هيِّن خذ كأساً من الخمر تنس ما أنت فيه ، قال الشاب : أما يكفيك أني زنيت تريد أن تحرمني خمر الجنة , فقال له : إن الله غفور رحيم . ونسي هذا العابث أن الله شديد العقاب .. أعدَّ للمجرمين ناراً تلظى .. تقاد بسبعين ألف زمام مع كل زمام سبعون ألف ملك , إذا رأت المجرمين سمعوا لها تغيَّظاً وزفيراً وشهيقاً . ثم أخذ الشاب يبكي من حرقة ما أصابه .. ويقول لصاحبه الذي في المطار : يا ليتهم أخذوا مالي .. لقد مضوا بي إلى الزنا .. لقد أفسدوا وكسروا ديني وإيماني .. فقال صاحبنا : أتلو عليك آية من كلام الله .. فلتسمع .. وتلا عليه قول الله تعالى : ( قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم ) . فأجاب ذلك التائب الذي بلغت التوبة في قلبه ذلك المبلغ قال : كلٌ يغفر له إلا أنا , ألا تعلم أني زنيت .. ثم سأل الشاب صاحبه : هل زنيت ؟ قال : لا والله ، قال : إذن أنت لا تعلم حرارة المعصية التي أنا فيها . قال : وما هي إلا لحظات حتى أعلن مناد المطار إقلاع الرحلة التي سأعود معها بإذن الله إلى الرياض .. فأخذت عنوانه ثم ودعته وانصرفت .. وأنا واثق أن ندمه سيبقى يوماً أو يومين ثم ينسى ما فعل , وبعد أيام من رجوعي إلي الرياض إذ به يتصل بي .. واعدته ثم قابلته فلما رآني انفجر باكياً وهو يقول : والله منذُ فارقتك وفعلت فعلتي تلك ما تلذذت بنوم إلا غفوات .. ما قولي أمام الله يوم أن يسألني ويقول : عبدي زنيت أقول نعم زنيت وسرت بقدماي هاتين إلى الزنا ، فقال صاحبه هوِّن عليك إن رحمة الله واسعة . فقال ذلك الشاب لصاحبنا هذا ما جئتك زائراً .. ولكني جئتك مودعاً ولعلي ألقاك في الجنة إن أدركتني وإياك رحمة الله .. قلت : إلى أين تذهب ؟ قال : أُسلم نفسي إلى المحكمة وأعترفُ بجرم الزنا حتى يقام حد الله عليّ . قال : قلت له : أمجنون أنت أنسيت أنك متزوج .. أنسيت أن حد الزاني المحصن هو الرجم بالحجارة حتى الموت .. قال : ذاك أهون على قلبي من أن أبقى زانياً وألقى الله زانياً غير مطهر بحد من حدوده . قال : صاحبه : أما تتقي الله .. أُستر على نفسك وأسرتك وجماعتك .. قال الشاب : هؤلاء كلهم لا ينقذونني من النار وأنا أريد النجاة من عذاب الله .. قال الصاحب : فضاقت بي المذاهب وأخذته وقلت له : أريد منك شيئاً واحداً فقال التائب : اطلب كل شيء إلا أن تردني عن تسليم نفسي إلى المحكمة . قال : غير ذلك أردت منك .. قال الشاب : ما دام الأمر كذلك فأوافقك .. قال صاحبه : امدد يدك عاهدني بالله أن تعمل وتصبر لما أقول قال : نعم .. فعاهدني .. قلت له : نتصل بالشيخ فلان من كبار العلماء وأتقاهم لله حتى نسأله في شأنك فإن قال : سلّم نفسك إلى المحكمة فأنا الذي أذهب بك إلى المحكمة .. وإن قال لا فلا يسعك إلا أن تسمع وتطيع قال : نعم . فسألنا الشيخ فقال : لا يسلم نفسه , ولكن هذا الشاب لم يهدأ بل ظل يتصل بالشيخ مراراً يريد أن يقنعه بتسليم نفسه ويجادل ويصر ويلح على ذلك .. قال صاحبه : فلما قابلته قلت له : لماذا أزعجت الشيخ بهذا الاتصال وأنا الذي قد كفيتك مئونة الاتصال به ، فقال : أحاول أن أقنعه لعله أن يأمرني أو يوافقني على تسليم نفسي . قال : ومن كلام هذا الشاب للشيخ : اتق الله يا شيخ وأنا أتعلق برقبتك يوم القيامة وأقول يا رب إني أردت أن أسلِّم نفسي ليقام حدّ الله عليّ فردني ذلك الشيخ ، فقال الشيخ : هذا ما ألقى الله به وما أفتيتك إلا عن علم . ثم قال الشاب التائب لهذا الصاحب : إني أودعك قال : إلى أين ؟ قال : أريد الحج وكان الحج وقتها قريباً ، فطلب هذا الصاحب من الشاب أن يحج معه ومع إخوانه .. فقال : لا وظن صاحبه أنه قد اختار رفقة ليحج معهم . قال : فلما قضينا مناسكنا وعدنا إلى الرياض قابلته فسألته فقال : لقد حججت وحدي وتنقلت بين المشاعر على قدمي لعل الله أن ينظر إليّ ذاهباً من منى إلى عرفة أو واقفاً على صعيد عرفة أو ذاهباً إلى مزدلفة أو ماضياً إلى الجمرات لعل الله أن ينظر إليّ فيرحمني . ولقد كان هذا التائب يقول في حجه : أخشى ألا يغفر الله لمن حولي لشؤم ذنبي ، وتارة يقول : لعل الله أن يرحمني بهؤلاء الجمع المسبِّحين الملبِّين .. قال صاحبي ولقد دامت الصلة والزيارات بيني وبينه , ولقد حفظ هذا الشاب التائب القرآن كله بعد الحج وأصبح يصوم يوماً ويفطر يوماً . قال الصاحب : وإنني رأيت أحد العلماء فأخبرته بقصة هذا التائب وما كان منه من انكسار وإنابة وصيام وقيام وحفظ للقرآن فقال هذا العالم : لعل زناه هذا قد يكون سبباً لدخول الجنة ولعل بعض الآيات تصدق في حقه ، قال تعالى : ( والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما * يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهاناً * إلا من تاب وآمن وعمل عملاً صالحاً فأولئك يبدِّل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفوراً رحيماًْ } الفرقان قال الصاحب : لما سمعت هذه الآية عجبت وقلت : كيف غفلت عن هذه الآية .. فولَّيت إلى بيت صاحبنا في دار أبيه العامرة في قصر أبيه الفسيح .. ذهبت إليه لأبشره فقال أهله : إنه في المسجد فذهبت إليه فوجدته منكسراً تالياً للقرآن .. فقلت له : عندي لك بشرى قال : ما هي ؟ قال : فقرأت عليه : ( والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون قال : فلما بلغت هذه الكلمة كأني أطعنه بخنجر في قلبه قال : فمضيت تالياً : ومن يفعل ذلك يلقَ آثاما * يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهاناً * إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحاً فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفوراً رحيما ) . قال : فلما أكملت هذه الآية قفز فاحتضنني وقبَّل رأسي وقال : والله إني أحفظ القرآن ولكن كأني أقرأها لأول مرة ثم أذن المؤذن فانتظرنا إقامة الصلاة وغاب الإمام ذاك اليوم فقام مؤذن المسجد وقدّم صاحبنا التائب . فلما كبَّر وقرأ الفاتحة تلا قول الله : ( والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ) فلما بلغ ْ ( إلا من تاب ) لم يستطع أن يكملها فركع ، ثم اعتدل ثم سجد ، ثم اعتدل ، ثم سجد ، ثم قام فقرأ في الركعة الثانية الفاتحة وأعاد الآية يريد أن يكملها فلما بلغ ( إلا من تاب وآمن ) .. لم يستطع أن يكملها فركع وأتم صلاته باكياً . قال الصاحب : وهكذا مضى على هذا الحال زمناً إلى أن جاء يوم من الأيام وكان يوم جمعة وبعد العشاء من ذلك اليوم اتصل بي رجل .. فقال أنا والد صاحبك أحمد وأريدك في أمر مهم أريدك أن تأتي إليّ مسرعاً . قال : فخرجت مسرعاً خائفاً فلما بلغت دار قصره إذا بالأب واقف على الباب فسألته ما الخبر ؟ قال : صاحبك أحمد يطلبك السماح يودعك إلى الدار الآخرة لقد انتقل مغيب هذا اليوم إلى ربه .. ثم انفجر الأب باكياً .. يقول الصاحب واسمه أحمد أيضاً وأنا أُهوِّن عليه .. وبقلبي على فراق حبيبي وصديقي مثل الذي بقلب والده .. ثم أدخلني في غرفة كان الشاب فيها مسجَّى فكشفت عن وجهه فإذا هو يتلألأ نوراً .. كشفت وجهاً قد فارق الحياة .. ولكنه أنور وأبهى وأبهج وأجمل من قبل موته .. وجهٌ كله نور .. ورأيت محياً كله سرور .. قال الصاحب : فقال لي والده : ما الذي فعل ولدي ؟ فمنذُ أن جاء من السفر وهو على هذا الحال ؟ فقال الصاحب : إن ولدك يوم أن سافر فقد عزيزاً عليه في سفره ذلك , نعم والله .. فقد في تلك اللحظة إيماناً عظيماً .. فقد في لحظة الزنا إخباتاً وإقبالاً وأي شيء أعز من ذلك , وأما زوجة هذا التائب فتقول : إن نومه كان غفوات وما استغرق في نوم بعد رجوعه من السفر وهم لا يعرفون حقيقة القصة .. قال الصاحب: فسألت والده عن موته فقال الأب : يا أحمد إن ولدي هذا كما تعلم يصوم يوماً ويفطر يوماً .. وفي يوم الجمعة هذا بقي عصر يومه في المسجد يتحرى ساعة الإجابة وقبيل المغرب ذهبت إليه فقلت يا أحمد .. تعال أفطر في البيت .. فقال الابن التائب : يا والدي أحس بسعادة فدعني الآن .. وأرسلوا لي ما أفطر عليه في المسجد , قال : الأب : أنت وشأنك . وبعد الصلاة قال الأب لولده : يا ولدي هيّا إلى البيت لتنال عشائك .. فقال الابن : إني أحس براحة عظيمة الآن وأريد البقاء في المسجد وسآتيكم بعد صلاة العشاء .. فقال الأب : أنت وما أردت. ولما عاد الأب إلى المنزل أحسَّ بشيء يخالج قلبه ، يقول الوالد : فبعثت ولدي الصغير فقلت اذهب إلى المسجد وانظر ما الذي بأخيك ؟ فذهب الولد وعاد صارخاً يا أبتي يا أبتي .. أخي أحمد لا يكلمني . يقول الأب : فخرجت مسرعاً إلى المسجد فوجدت ولدي أحمد ممدوداً وهو في ساعة الاحتضار .. وكان يتكئ على مسند يرتاح في خلوته بربه واستغفاره وتلاوته ، قال الأب : فأبعدت عنه المتكأ الذي يتكئ عليه وأسندته إليّ .. فنظرت إليه فإذا هو يذكر اسم صاحبه أحمد الذي حدّث بقصته وكأنه يوصي بإبلاغ السلام عليه , ثم إن هذا التائب ابتسم ابتسامة في ساعة الاحتضار يقول أبوه : والله ما ابتسم ابتسامة مثلها من يوم أن جاء من سفره ، ثم قرأ في تلك اللحظة التي يحتضر فيها : ( والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما * يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا * إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحاً فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات .. ) . قال فلما بلغ هذه الكلمة فاضت روحه وأسلمها إلى باريها .. من كتاب : ( التائبون إلي الله ) بتصرف |
من طلب رضا الناس بسخط الله
د. عبد الله مبارك الخاطر عرفته في بريطانيا شاباً طموحاً يتدفق حيوية وحركة.. جل همه أن يحصل على شهادة (دكتوراه) ثم يعود إلى بلده ليكون مدير جامعة أو وكيل وزارة أو وزيراً. كان يحدثنا عن ثقته بنفسه وقدرته على استمالة الناس إليه.. فهذا المسؤول أقنعه بوجهة نظره، وذاك المدير أقام معه أطيب العلاقات وأمتنها.. وخلال إقامته في بريطانيا نهج طريقه المعروف، فأخذ يتقرب إلى مشرفه ويتملق له، ويحاول إرضاءه بمختلف الوسائل والأساليب ولم يقصر " دكتور المستقبل " في إقناع أستاذه بأنه ليس رجعياً، ولا متديناً، وفضلاً عن هذا وذاك فهو معجب أشد الإعجاب بالإنكليز وجامعاتهم وتقدمهم العلمي. وذات يوم أراد الأستاذ أن يمتحن مصداقية أقوال تلميذه، فدعاه إلى وكر من أوكار الخمور، وسارع (دكتور المستقبل) إلى تلبية الدعوة.. وظن الأحمق أن استجابته لطلب المشرف سوف تساعد على اختصار الوقت. شرب (دكتور المستقبل) حتى الثمالة، وفقد توازنه، ولم يعد قادراً على ضبط أقواله وأفعاله.. أما المشرف فكان يشرب قليلاً ويتمتع برؤية تلميذه وهو يشرب لأول مرة. وهب أنه شرب كثيراً فلا فرق عنده بين الماء والخمرة، لقد اعتاد شرب الخمر. أما " دكتور المستقبل " فقد أخذ يعبر عن مشاعره الحقيقية نحو الإنجليز، وراح يلصق بهم أبشع النعوت وأحطها، والمشرف ينظر إليه ويؤمن على كلامه ويبتسم له ويخفي في نفسه ما لا يبديه. ومضت الأيام، وكلما قدم (دكتور المستقبل) فصلاً أخّره المشرف مدة طويلة ومملة، ثم يعيده لتلميذه طالباً حذف بعض الأمور وإضافة أمور أخرى وإعادة الصياغة لأن لغة الكاتب ركيكة.. وكان المشرف يغلّف حقده بقوله: أريدك أن تكون دكتوراً ناجحاً، وسوف تستفيد كثيراً من هذه الفترة الطويلة التي تمكثها بيننا، ولا يتخرج من جامعاتنا إلا الأفذاذ من الرجال. وأخيراً بقي الطالب الطموح ضعفي المدة المحددة، وذاق الويلات، وأصبح يشك بمواهبه وقدراته.. وبعد التي واللتية نال شهادة الدكتوراه، وقبل سفره جلس مع أستاذه المشرف يحدثه عن إعجابه بالإنكليز وجامعاتهم وتقديره لكل ما رآه عندهم، فأجابه المشرف بكل خبث ودهاء: إن حقيقة رأيك بالإنكليز وأخلاقهم وعاداتهم سمعته منك في الخمارة قبل ثلاث سنين، فحاول (الدكتور الجديد) أن يعتذر ولكنه أخذ يتكلم ويهذر ولكنه يعرف أن كلامه ليس مقنعاً ومن كان عاجزاً عن إقناع نفسه فكيف يقنع غيره. أدرك الدكتور الجديد ورجل المستقبل في بلده لماذا غيّر المشرف أسلوبه ولماذا تضاعفت مدة الدراسة لكنه بكل أسف لم يدرك الأمور التالية: من طلب رضا الناس بسخط الله سخط الله عليه وأسخط عليه الناس. ولم يدرك أنه (ومَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً *ويَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ). ولم يفهم - وهو المسلم - أن التنافس يكون على الأعمال الصالحة وليس على حطام الدنيا التي لا تساوي عند الله جناح بعوضة. وليت هذه العقوبة الدنيوية تكون سبباً في هداية الدكتور وتوبته.. وليت أمثاله يتعظون |
توبة بعض المغنين من الغناء وخذلان بعضهم الآخر
عبد الله زقيل الحمد لله وبعد؛ إن الإنسانَ المؤمنَ ليفرحُ ويُسرُ عند سماعِ توبةِ عاصٍ من العصاةِ، ثم يتحولُ بعد التوبةِ إلى فردٍ يسخرُ جهدهُ ووقتهُ لا ستغلالِ ما وهبهُ اللهُ له من نعمةٍ في خدمةِ دينهِ، أو نفسهِ لتدارك ما فاتهُ من العمرِ الذي قضاهُ في مرحلةِ المعاصي، فيستكثرُ من الطاعاتِ المقربةِ إلى اللهِ - جل وعلا -. والمتأملُ في حالِ بعضِ أهل المعاصي من أهلِ الغناءِ يستغربُ من أحوالهم، وكيف أن الشيطانَ زينَ لهم سوءُ أعمالهم من الضربِ بالعودِ، والغناءِ الماجنِ، وغير ذلك من الآت اللهو المحرم. وقد يهدي الله بعضا من هؤلاء، فتجد حاله ينقلب رأسا على عقب - وهذا كله بيد الله - والمسلمُ ليس له إلا أن يسال الله أن يهدي اولئك الذي يضيعون أعمارهم وأوقاتهم في مثل هذه المعصية التي تجر معها أنواعا أخرى من المعاصي - نسأل الله أن يجنبنا الفواحش -. وقد وجدت قصصا تحكي توبة من اشتغلوا بالغناء، ثم هداهم الله، وتابوا من هذا الفعل، والتزموا الجادة. - قــــــــصــــــة توبة زاذان من الغناء: جاء في ترجمة زاذان في سير أعلام النبلاء (4/280 - 281) ما نصه: وقال ابن عدي تاب على يد ابن مسعود. وعن أبي هاشم الرماني قال: قال زاذان: كنتُ غلاماً حسنِ الصوتِ، جيِّد الضربِ بالطُّـنْـبُـور، فكنت مع صاحبٍ لي، وعندنا نبيذٌ، وأنا أغنِّيهم؛ فمر ابنُ مسعودٍ فدخل فضرب الباطِيَةَ - كل إناء يجعل فيه الخمر - بدَّدَها، وكسر الطنبور، ثم قال: لو كان ما يُسمَعُ من حُسنِ صوتك يا غلامُ بالقرآن كنت أنتَ أنتْ، ثم مضى. فقلتُ لأصحابي: من هذا؟ قالوا: هذا ابنُ مسعود؛ فألقى في نفسي الَّتوبة، فسعيت أبكي، وأخذتُ بثوبه، فأقبل علي فاعتنقني وبكى، وقال: مرحبا بمن أحبه الله، اجلس؛ ثم دخل وأخرج لي تمرا. قال زبيد: رأيت زاذان يصلي كأنه جِذْع. فوائد من القصة: 1 - إنكار الصحابي الجليل ابن مسعود للمنكر، وتكسيره آنية الخمر، والطنبور. وهذا فيه أن من كسرها لا يضمن، لأنها مما يتلف بسبب استخدامها في المعصية. 2 - أثرت كلمة ابن مسعود في زاذان، بالرغم أن ابن مسعود قال كلمة بسيطة ولكن انظروا مدى تأثر ذلك الشاب بها. وفي هذا درس لنا أننا نحرص على حسن اختيار الألفاظ مع العصاة الذين يرجى منهم الرجوع إلى الجادة وإلى الطريق السوي. وكذلك لا ننتظر النتائج بعد إلقاء الموعظة على العاصي مباشرة. 3 - هداية الله لزاذان بسبب تلك الكلمة، التي لامست قلبه فقادته إلى الهداية. 4 - حسن استقبال ابن مسعود للتائب، ومعانقته إياه، والفرح برجوعه إلى الطريق المستقيم، والتلطف معه في العبارة. وهكذا ينبغي أن يكون حالنا مع التائبين. - توبة أحد أئمة الحنابلة من الغناء: ذكر الحافظ ابن رجب في الذيل على طبقات الحنابلة (3/330) عند ترجمة عبد الرحمن بن النفيس بن الأسعد الغياثي، الفقيه المقرىء أبو بكر: كان في ابتداء أمره يغني، وله صوت حسن، ثم تاب وحسنت توبته. وقرأ القرآن في زمن يسير، وتعلم الخط في أيام قلائل، وحفظ كتاب الخرقي وأتقنه. وقرأ مسائل الخلاف على جماعة من الفقهاء. وكان ذكيا جدا، يحفظ في يوم واحد ما لا يحفظه غيره في شهر. ا. هـ. الله أكبر؛ كيف يفتح الله على العبد إذا أخلص التوبة لله؟؟؟!!! وعكس هذه الصور من التوبة، صورٌ تبين ما قد يقلب الله به حال أهل الطاعة والهدى إلى حال أهل المعصية والردى، نسأل الله العافية والسلامة. - انتكاس ابن أبي وداعة: ذكر الحافظ ابن كثير في البداية والنهاية (10/215) في حوادث سنة ثنتين وتسعين ومئة في ترجمة إسماعيل بن جامع بن أبي وداعة ما نصه: أحد المشاهير بالغناء، كان ممن يضرب به المثل! وقد أولاً يحفظ القرآن! ثم صار إلى صناعة الغناء وترك القرآن. ا. هـ. وذكر ابن كثير قصصا من اشتغاله بالغناء، نسأل الله السلامة والعافية. - سيد درويش البحر: في " الأعلام " للزركلي في ترجمة " سيد درويش البحر " (3/146) قال: سيد درويش البحر النجار: ولد بالإسكندرية، وحفظ القرآن وتحول من ترتيله إلى إلقاء التواشيح....وابتلي بشم " الكوكايين " فمات بتأثيره في الإسكندرية. نعوذ بالله من الحور بعد الكور. والله أعلم. |
الساعة الآن 9:56 AM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
TranZ By World 4Arab