و لقد كنت أزوره في بيته ، فأقبل يده ، فينكر عليّ ، و يقول لي : ألم أنصحك في المرة الماضية أن لا تفعل ، فأقول له : أنت أولى الناس أن نقبل يده ، و مرة زرته ، فقبلت جبينه ، فأنكر عليّ ، و قال : هذه بدعة نجدية !

و مما يدل على صبره و جلده في طلب العلم : ما حدثني به الدكتور محمود الميرة ( حفظه الله ) بأن الشيخ ناصر صعد على السلم في المكتبة الظاهرية ليأخذ كتاباً ( مخطوطاً ) ، فتناول الكتاب و فتحه ، فبقي واقفاً على السلم يقرأ في الكتاب لمدة تزيد على الست ساعات . و كان الشيخ شديد التمسك بالسنة ، و كان يصوم الاثنين و الخميس من كل أسبوع ( رغم كبر سنه ) شديد الورع ، شديد التأثر ، فإذا ذكرت الآخرة أمامه بكى ، و إذا مدح في وجهه بكى ،

رحلت بدور العلم عن دنيانا = فتبدلت أفراحنا أحزانا
وقلوبنا وجفت وكان ذهولنا = يطغى على أرواحنا طغيانا
بعد ابن باز وهو شمس زماننا = أفلت بدور تملأ الأكوانا
في موكب الأحزان نفقد مصطفى = وعطية الوهاب والقطان
وفوارس الأدب الرفيع المجتنى = من بالروائع شنفوا الآذانا
مجذوبنا حقا وطنطاوينا = تاجا فخارا طلما ملكانا
هذي المعاقل أقفرت ساحاتها = من بعد أن كانوا بها أركانا
في كل يوم للمسامع صدمة = برحيل حبر يبعث الأشجانا
بالأمس غادرنا محدث شامنا = من طبقت آثاره البلدانا
هو ناصر الدين الذي اقترن اسمه = بالسنة الغراء أنَّـا كانا
قد صنف الأسفار في سنن الهدى = وأجال في صفحاتها البرهانا
وأفاد منها الطالبون جميعهم = حتى اللذين استمرأوا الشنآنا
بل جدد التخريج بعد دروسه = وأماط عن أسراره وأبانا
يارب فارحمه وأكرم نزله = وأفض عليه الروح والريحانا
واغفر لمن سبقوه من أعلامنا = وامنحهم ياذا الرضا الرضوانا
يارب فاجبر كسرنا بفراقهم = وابعث لدينك من يعيد علانا