![]() |
نريد أيضًا أن نتواصى بالحق، وأن نتعاون على الحق، وأن نتكاتف في الحق، ولا يدع أحدنا أخاه وحيدًا مع الشيطان؛ لأنه كما قال الشاعر: وَقُلْ لِمَنْ يَدَّعِي بِالعِلْمِ مَعْرِفَةً حَفِظْتَ شَيْئًا وَغَابَتْ عَنْكَ أَشْيَاءُ فكلُّنا مهما كان قد حفظ شيئًا، غابت عنه أشياءُ، فإذا لم نكن معًا كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو، تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمَّى، فكيف نواجه أنفسنا؟ والنفس أمَّارة بالسوء إلا ما رحم ربي، وإذا لم نضع أيدينا في أيدي البعض ((ويد الله مع الجماعة، إنما يأكل الذئب من الغنمِ القاصيةَ))، فكيف نحارب العدو وهو يجري مجرى الدم في عروقنا؟ ولنا أسئلة كثيرة - وما أَضيعَ العمرَ وأقساه إن خلا من رجاء! - أرجو أن تكون الإجابة عنها كلها بلا، لا. • هل تتفق معي أن نفوسنا تغيَّرت ومشاعرنا تبلدت، وضاعت من أيدينا الخريطة التي توضح لنا معالم الطريق؟ • هل جهلنا أو تجاهلنا أن الناس بخيرٍ ما تعاونوا؟ • هل وصل بنا الحال إلى الدرجة التي فقدنا عندها الأمل في علاقات إنسانيَّة؟ ربما تكون الإجابة: نعم، وقد تكون الإجابة: لا، ولكن لماذا لا نبني علاقاتنا على الألفة والفطرة؟ لماذا لا تكون علاقاتنا محفوفة بالعناية الإلهيَّة، ومصونة بتعاليم إسلامنا الحنيف؟ وما الذي جعل أحد الفلاسفة يقول: "كلما ازددت معرفة بالناس، ازداد حبي لكلبي"؟ يجب أن نعترف دون خجل، نحن الذين نصنع بأنفسنا كلَّ ذلك، ونحن الذين تردَّينا إلى أسفل سافلين بانصرافنا عن محكم التنزيل، وكأننا دائمًا نبحث عن موارد الهلاك في علاقاتنا، حتى الوسائل التي استحدثناها وزعمنا أنها لتوطيد العلاقات بين الناس، أصبحتْ مدعاةً للانقسام والتطرف والتناحر، وأحيانًا التقاتل والتخاصم. فنحن ندَّعي المحبة في أمور هي عين البغضاء التي يبثُّها الشيطان، فمثلاً في بعض أشكال الرياضة، وبالأخص الملاكمة والمصارعة الحرَّة، وكلها تُقام تحت دعاوى المسابقات الرياضية، وليس هذا من الآدمية في شيء - ولا أقول من الإسلام - وكنت أتوقَّع أن يتبارى رجال الإفتاء بإصدار آراء صريحة حول هاتين الرياضتين المزعومتين، وهل تتفق هذه الأمور مع المنطق؟ هذا جانب، أما الجانب الآخر، وهو الأدهى والأمرّ، أن الرياضة الأخرى التي لا تتعارض مع الفكر القويم إلا إذا زادت عن الحدِّ - مثل لعب الكرة مثلاً - تدهورت في أخلاقياتها، وصاحَبَها ما هو أشد وأنكى، وذلك من بعض الجماهير التي تزحف مثل الجيوش التي خرجتْ للحرب، ولكنها للأسف ما ذهبت لتسلِّي نفسها بمشاهدة ما يتبارى فيه اللاعبون، ولكن لتسبَّ وتشتم، وربما لتضرب، وأصبح الإنسان منا يتحرَّج من الكلمات الجارحة التي تخدش الحياء، وتقتحم علينا بيوتنا عبر شاشات التلفاز، فأصبحتْ أغلب مباريات الكرة مثلَ الأفلام الخليعة، إلا أن مقص الرقيب لا يصلها. وهناك مسائل جانبية تضرب علاقات المودة في مقتل، وهي انتماءات بعض محبي الرياضة من الجمهور إلى الأندية المتنوعة بتعصبٍ شديد وأعمى، هؤلاء المتعصبون نجدهم في كلِّ الأوساط، بعض الكُتَّاب ينشرون عبر الصحف بأسلوب الفتنة تحت اسم الرياضة، وفي الملاعب بعض اللاعبين لديهم استعداد لإصابة الخصم بعاهة مستديمة مع سبق الإصرار والترصُّد، وأيضًا تحت اسم الرياضة، أما ما يحدث في المدرجات، فحدِّث ولا حرج. وأصبحت الحيرة لازمة على كلِّ حال، فقد كان الانتماء إلى البشرية في العهود السابقة كافيًا لتربية النخوة والمروءة، فتسللت الانفصاليَّة في نفوس البشر؛ مرةً لأسباب دينيَّة، ومرَّات لأسباب قوميَّة أو حدوديَّة، والقَبَلِيَّة باتت في أزهى عصورها، وأخيرًا فرخت لنا الأيام وسيلةً جديدةً للانقسام، بأن ينحاز كلُّ مجموعة إلى نادٍ من الأندية، وبعد ذلك اللاعبون يتغيَّرون، وأحيانًا يتمُّ تغيير الأماكن أو شكل ملابس اللاعبين، وربما يتمُّ تغيير اسم النادي، ومع ذلك يقول لك الجمهور: أنا عندي انتماء للنادي، أيُّ انتماء؟ قد يظن البعض أن هذه رياضة، ولكنها الفرقة التي يبثها الوسواس الخنَّاس، ونظرةٌ متجردة في أحوال الأسرة الواحدة عند مباراة الكرة خيرُ دليلٍ على ذلك. والخلاصة: مطلوب أن تكون العلاقة الطيبة أولاً، وبعدها - وبما يتفق معها - يتمُّ ترتيب الأولويات، ويجب ألا تهزمنا الأنانية. فقد أكلنا التراث أكلاً لَمًّا، وأحببنا المال حبًّا جمًّا، نعم حبًّا جمًّا، وقليلٌ منا الصالح في أعماله، المستقيم في علاقاته، من هداه الله منا، فهو من عباد الرحمن الذين ينطبق عليهم قول الرسول: ((سمحًا إذا باع، سمحًا إذا اشترى، سمحًا إذا اقتضى))، ومن ضلَّ عن سبيل الله واتَّبع هواه، فقد فسدتْ أعماله، واعوجت علاقاته، وأصبح وليًّا للشيطان ((وإذا خاصم فجر، وإذا عاهد غدر، وإذا حدَّث كذَب، وإذا اؤتمن خان))، وكثير ما هم. أخي المسلم: لا شكَّ أن الدنيا ظل زائل، والحياة الدنيا متاع، وقد طبع الله على قلب كلِّ متكبِّر جبَّار، وحيث إن الدنيا ((مال من لا مال له، ودار من لا دار له، ولها يجمع من لا عقل له)) كما ورد عن خير البرية، فمن المؤكد أن الدار الآخرة هي دار القرار، وفاز من اتَّبع سبيل الرشاد. {فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ} [غافر: 44]. ــــــــــــــــــ [1] هذه حكمة، ولا يلزم صحتها في جميع ما تشير إليه. [2] رواه البخاري. [3] رواه البخاري ومسلم. [4] تمثلاً بما قاله الصحابي الجليل. [5] أبو بكر الصديق حين تولى الخلافة. [6] جاء ذلك على لسان علي بن أبي طالب. |
جزاك الله خير على الموضوع الرائع
^_^ |
الله يسلمك’’’
|
[جزاك الله خير
|
شكرا لمرورك,,,
|
تسلم الآيـآآدي
طـرحـ (لآمــسـ) الواقع وآنـتـقــآء فـآقـ (آلأبـدآعـ) ..، (ليـسـقـيـنــآ) مـنـ عـلو ذآئقـتـهـ لكـ تـتـسـطـر (كـلمــآتـ) آلشـكـر بـروعـتـهــآ ...، |
الله يسلمك
|
الساعة الآن 9:16 AM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
TranZ By World 4Arab